/

مقالات نقدية

أنتولوجيا الابداع

هوامش الإبداع

لست الذي في المرايا ديوان للشاعر لأنور الخطيببقلك محمد الظاهر الإمارات العربية المتحدة



“لست الذي في المرايا ديوان جديد لأنور الخطيب”
الكاتب والصحفي  محمدالظاهر-الإمارات  العربية  المتحدة-دبي
صدر للشاعر والروائي أنور الخطيب ديوان شعري جديد بعنوان (لست الذي في المرايا) عن دار فضاءات للنشر، تصدرت غلافه الأول لوحة للفنان بابلو بيكاسو تعكس دلالات العنوان، وكتب مقدمته الناقد والمترجم الجزائري المعروف الدكتور عبدالرحمن مزيان، ومقدمة أخرى جاءت بقلم الشاعر وهي قصيدة بعنوان (ليس معي سواي)، يبوح فيها الخطيب بهواجسه الوجدانية والإنسانية والوطنية. أما الناقد د. مزيان، والذي قام بترجمة ديوان للشاعر الخطيب إلى اللغة الفرنسية بعنوان (موت حديقتنا)، فقد جاءت مقدمته توصيفا لهموم الشاعر وانتمائه الإنساني والوطني، حيث قال: (وحده العشق يجتث بسهو أمل اليأس، حين يُنسج من الكلمات ويشكل سجادة فلسطينية عربية. وحده حين يخرج العشق من الذاكرة مليئا بالتاريخ والأحداث، ينسج من الكلمات وطنا. لا غيره العشق يمكن أن يتملى في المرآة الذات، التي ينبثق منها أنفاسا ورياحينا وأغصان زيتون مقطوعة، تتلائم وتتواصل لتشكل سجادة الوطن. هو ذاته العشق الفلسطيني حين يفوح زيتا ونعناعا ووجع التاريخ، لما يصوغ الوطن كلمات وحروفا تكبر أطفالا، وتسمو روحا وتتشظى قصيدة للوطن. وحده جمع أنور الخطيب أنوارا تكتب الوطن وتنسج رموش أعين مترقبة، وأنفاسا متلهفة لنطق الوطن. لا البنايات ولا الغرف ولا التكهن بإمكانه بناء وطن، وحده عشق التراب والأحمر القاني الزلل في نزيف الكلمات يبنى الوطن. بالشعر والخبز والشهوة ينبثق من بين دمعات الأطفال الوطن.
بينما جاء في مقدمة الخطيب: قادم من مجرة الدم، حيث تاريخي يمشي على عكازتين مشروختين، ذاهب إلى مجرة أخرى من الدم، حيث أقيم مهرجان فوضى لقتلاي، وما بين المكان الذي اتيت منه والمكان الذي ذاهب إليه مسافة طولها ما بين فكرة عابثة تفرد تأويلها على حبل يتنازعه اتجاهان من الوهم، واحد يقرأ التاريخ بريشة الريح، وآخر يحفر في صباي آلام المسيح، وما بين كتلة من المخاض البشري، يُحقن السديم بما قاله رسل الخطيئة، بما تناثر من أحاديث التلاميذ على الخلق حتى يهيموا على ظهورهم، وما بين فكرة وكتلة، أدس ما يشبه الشعر في ما يشبه النثر فوق مسرح العبث المطل على جماهير الخيانة.
احتوى الديوان الجديد، وهو السادس في سلسلة إصدارات الخطيب الشعرية 57 قصيدة في 230 صفحة من الحجم المتوسط، وقد ابتعد في هذا الديوان عن القصائد المطولة التي اعتاد أن يكتبها وصبغت أسلوبه، ولجأ إلى القصائد المكونة من مقاطع قصيرة ومكثفة، بحيث نجد في القصيدة الواحدة أكثر من مقطع يلتزم جملة يرددها الخطيب، ففي قصيدة (لا تسل أحدا عن اسمك) يقول:
وأنت في المطارِ 
لا تسأل امرأةً وحيدةً عن اسمكْ.
ففي المطار أكفٌ خفيفةٌ ودُوارْ،
وقد تسميك بما يملأ كفها من هديل: "منديل"
***
وأنت في مكان العمل،
لا تسأل المدير عن اسمكْ،
ففي المكان اسمان؛
أنت وحامل الفنجان
وقد يسميك بمن ينحني دائما: "مرجان"
***
 وأنت في دائرة الأمنِ
لا تسلْ أحدا عن اسمكْ،
هنالك تزدهر البصمات،
وقد يسميك برغبة لديه: "مات"
أو كما جاء في قصيدة (رباعيات)
توضأ ..
قبل الولوج في معبد القصيدة
قد تقابل الله في حرف خاشع
أو جناح بعوضة.
...
وتأنّق..
قبل تحضير وحيكْ،
فربما دعتك فراشة العشق
للرقص فوق قبرك
...
وتعرّ..
وأنت سائر في الليل
قد تصيبك عدوى النهار
وتعتريك الخيل
...
وتأنّ..
وأنت تكتب حرفا من اسمك
فوق نهد الحبيبة،
فالحروف تنشق كالجنود،
حين تزدهر المصيبة،
وكان للعاطفة نصيب كبير أيضا في ديوان الخطيب الجديد، ففي قصيدة (دثريني) يقول:
قالت: لو كنت شاعرة
لنقشت في لوحك المحفوظ
شهقةً ترنمت بها غزالتي
امتطيت ظهر قصيدة صاهلة
منثورة في أوردتي
عمّدتك في بِرَكِ الشهوة
ألقمتك خبزتي.. 
أسقيتك ماء رقصتي
غزلتك من تأوهات الليل شالا
أهديته نجوم لهفتي
ارتديتك حتى تفوح من أرديتي
شممتك حتى آخر تبغك
أطلقتك في رئتي
لو كنت شاعرة لحبستك في مكحلتي
نشرتكَ حول عيوني
كي أنام ملء صحوتي
وأصحو ملء غفوتي
فقلت: دثريني دثريني
أكملتِ اليوم لي قصيدتي