/

مقالات نقدية

أنتولوجيا الابداع

هوامش الإبداع

التشويق الدرامي في عقدة القص لقصة * للاحتلال يوم آخر * للقاص إسماعيل دراجي بقلم الدكتور حمام محمد زهير

الشويق الدرامي في عقدة القص لقصة "للاحتلال يوم آخر" إسماعيل دراجي دراسة
د.حمام محمد زهير(تاقد من الجزائر)

     من حقنا "أن نحلم، ككل يوم"، أن" نملك الدنيا"، "لا احد له سلطة على كبت هذا الحلم"، على "أن نفوز بما لايقدر بثمن" و"لا احد أن يحكم بغير ذلك"،لا ناقد ولا متسلط،ولا متسكع على أطراف النص، يدعي عنجقية،وسؤلا من كوامن النص،قرات لمارك كين " الناجح دائما لديه عدد من المشاريع المخطط لها، والتي يتطلع إليها . ويمكن لأي منها تغيير مسار حياته بين عشية وضحاها" لا ادري كيف أوصف قصة (للاحتلال يوم أخر) للقاص إسماعيل دراجي، وأنا أجوب في "موقع هوامش " شدتني ، احتطاب من  كمد ومعاناة ولفتة إلى جزء من تاريخ مر هاربا، من حياتنا وكأنه البارحة، فأردت أن أسوي بعضا من تخمينات المصطلح النقدي المتزن، في قوالبه الاجتماعية المتفرقة، فقصة" للاحتلال يوم أخر" بسيطة (رجل يحب ابنته وحيدة ، يعيش جو الاستعمار ، مصنع مصدر رزقه يهدم ، يهاجر يعود ليجد ابنته بترا ساقها)، رغم إن القاص "حول" العقدة إلى مؤخرة القصة، لا اعتبارات سيمائية يظهر انه متأثر بها في حالة كتابة السيناريو...
01- الواقعية الاشتراكية وبحث عن البروليتاريا:
  هو زمن لا يمكن إخفاؤه عاشه العامل الأجير، الذي تضامرت على  سفوحه "كوامد العيش الضنك" وهو  يقاسي الم الخماسة، أو العمل الصعب بالقطعة والجزء والاهانة ، كلها متضاربات عاشها  العامل في أوقات الاستعمار، ارتبطت بواقع حياته اليومية " كأب"  يختمل فيه كوخه أو سكنه  الذي لم نتعرف عليه "سميا" في القصة على  عائلة تعانق المعاناة والوحدة  حتى في إخراج الاسم العائلي  ولان "البنت وحيدة" فقد ظلت وحيدة ، وهذا هو سر "الجزء الأول" من عقدة القص عند  القاص دراجي،(كانت الوحيدة في حياته لم يكن يعلم أنها ستكون كذلك عندما سماها وحيدة ) ، ولكون البدوي  يظل دائما يتعلق بالولد، لم يأت وعندما تأتي البنت يقال أنها  الرزق الكثير إن هي أحسنت تربيتها، كل هاته  المخميليات الاجتماعية تراود القص.
02-      تركيز وصناعة البطلة..

أولج القاص نفسه في خانة " البوح والتبرير" في نفس الوقت والتعظيم من حجم ما يشده  "هوو الوحيدة،" وقد طاول بعضا من الوقت في تمديد المجال الوصفي لها كأنها ستصنع الخوارق للذي لم يكمل القصة ،مستعملا أطيافا من القيم الايجابية  التي  البسها إياها وهي (قرة العين، تناغي عواطفه، تدغدغ مشاعره، تسارع دقات قلبه ملكت كيانه، تكبر ببطء، ينام بجوارها يأكل ويشرب ويرتاح ) هي متلاطفات امبريقية تعود إلى زمن الفض في الروايات الكلاسيكية  ويعود لتبرير ما أعابه الناس عليه ،وكأنه هو الوحيد" والد الصبية"، وهي نقلة تاريخية  لاهتمام متوازي بالتقاليد الموجودة بتعزيز الأنثى وتغنيها ، حتي تصير "الأم غيورة "(،كانت زوجه تأخذها ما يشبه الغيرة،) ، وهو يدرك أنها ليست كذلك ، لكنه لم يعدمها كإحساس من فرط الاهتمام المنقطع النظير، هنا تتدخل مؤاخذة، لم يفصح الكاتب سبب هذا التغني هل يعود إلى مرض قطع عنه توريث العائلة  ، وقد اخلد في تبرير مالا يبرر عندما اخرج غيرة زوجته إلى البراءة  بقوله (لكن سرعان ما تؤوب إلى رشدها،وتلتزم صوابها،وتتراجع عن شعورها هذا،عندما نذكر أنه ابنتها،وأن أيّ أم تتمنى أن تكون ابنتها مدللة،) ، يختلج في السياق الاجتماعي تهويل أخر يثبت "غيرة المرأة" من ابنتها بذكره للمثل الشعبي (وقد قال الأوائل أن البنت حبيبة أبيها)، وهذا  ما اسقط تبريراته كلها ، لأنه أقحم المثل في جداريه  إزالة سلوك الغيرة، وبوضعه للمثل  فهي "لا تغار من ابنتها بل تغار من زوجها " فالمؤاخذة هنا  مقارباتي لا غير ...

03- ترويض العذوبة ورسم البراءة ..

وصف الكاتب إحساسه وهو يرى إلى الصغيرة  تترنح أمامه بالبراءة ،  يستشف فيها مقولات الكبار وان أمكن  فقد  اوجد لها  ألوانا من الحوارات  وعرض لمطالب سرية  قد  تطلبها الصغيرة ولكن "الحجم العمري " أفلس ذلك  فتحول الكاتب  إلى" ناطق"،  هذا  الإحساس  الجميل  يخالك  منذ أول  مولود يزدان به فراشك،  وخاصة  لما  يكون  بنت (.......كان يقول ـ لو أنها كبيرة فإنها ستطلب مني حاجتــــها بنفسها وحينها لا آلو جهدا في جلب لها ماتحتاج، فهاهو الآن له ذلك،فقد راح يمطرها بوابل مما تطلبه، أو تتمناه )  رغم انه كان  أبا مثاليا  الا إننا  لم نتعرف على  ما كانت تطلبه  حتى نسجل إيقونة تاريخية  تفيد  معرفة سوق الأطفال، وكان عليه أن  يستقرئ أو  يسال حتى  لايترك  الغصن وحده هائما ...
04-          النقلة الكافرة بين البيت والخارج:

    وأنا  أتابع بداية القصة ، لم اشعر إني في بيئة استعمارية  الا هنا ، وهذا يعكس الفجيعة، والنقل  اللامتزن بين الحوارات  والوصف ،سرعان ما تجد نفسك في قاطرة الاستعمار ماقبل القص كان  شيئا  الا الاستعمار،على الأقل  كان يستجدي الأمر إشارة مرورية  إبداعية،ولما  أصبح المتن حكائيا  يصطلح تسميته  بمجال الرواية ، إذا كان في نية الرواي إما  إذا تعاله الأمر إلى القص فهذا غير  مستساغ أصلا..يتحول المشهد الجميل  إلى نقيض ، وهي لغة "غريماسية" معروفة تعتمد على النقيض ونقده، فماهو نقيضه ، يظهر ذلك في" كمونه الاستعمار" والقصف والغارات  وإصابة الأهالي من الأطفال)  ولا مبرر لماذا تقصف هذه القرية الآمنة ؟ هل سكنها العربي بن مهيدي أو عبا ن أو غيره من أشاوس الجزائر،؟؟؟ ا اذاكان المجال المكاني يخص الجزائر، لان لغة القصف والأطفال أصبحت من  صناعة  القرن الواحد والعشرين حتى لا أقول غزة(الاستعمار هذه الأيام يكثف غاراته على البلدة الآمنة،ففي غارة أمس أصيب الكثير من الأهالي، والأبرياء، من الأطفال والطاعنين في السن .)، صرخته المفرومة بفعل ما وصف كانت  تستجدي من الله حماية وحيدة  من هول القصف، الا ترى انك تنقل لنا  سيناريو  صريح قد  يستعطف مجالات القصف على فلسطين(كان يدعو الله كثيرا ويتوسل إليه أن يحمي و حيدته من رصاصة طائشة ،أو شظية عمياء،أو قنبلة جائحة لاتميز بين هذا وذاك.)
05- رجوع التذكر وصناعة الحدث في تاريخه :
  
      تعود "هلوسة ألحكي" والتذكر إلى سابق عهدها ، حيث ابرع الكاتب هنا في إزاحة بعضا من الثقافة حول اقتصاد الحرب ، لازال يحدثها عن "الكروم والزيتون عن الحرب والسلم" ، عن هجرة المخيمات، وهو يحاول أن يربط واقعا مرا عاشه الكاتب ويخاف أن يفقده في وحيدة ، لهذا  احدث لنا ترابطا بين" ألحكي وتجسيد السلوك العاطفي" من خلال ضمه  لابنته، هروبا من إحساس يراود أي أب في تلك الظروف (كان يحضنها كلما حدثها،، فقد كان يتخيل في كل لحظة أن وحيدته مستهدفة هي الأخرى كذلك،فتعانقه وتتشبث به ) .
    يتحول المشهد من جديد إلى "سلبية" هي عبارة عن بقية من غارة  تستهدف مصنعا  لا ندري لمن  إذا كان  "لمواطن أصلي "، فلم يذكره القاص وان كان حكوميا وهو اغلب الظن فلماذا يحطم عن أخره أو ربما "أخطأته طائرات القصف ،كل هذا كان يجب أن يبرر (سياقا وانزياحا) ، وإلا فسيحدث انفلات في عقدة القص "هدأت الأوضاع هذه الأيام،وبعد خطر الحرب عــــن القرية ولو لحين،وتنفس الناس الصعداء،والتحقوا بأعمالهم،غير أن المفاجأة كانت كبيرة ،كانت صادمة عندما اكتشف أبو وحيدة أنّ المعمل البسيط الـــذي يشتغل فيه ويمده برزقه ويقيت منه وحيدته قُصف ودُمّر عن آخره،ولم يعد للعمال به غاية،وأنه غير صالح للترميم والانطلاق من جديد ،وقف مليا أمام الركام،رأى قطعا من الماكينات  البسيطة  رأى مآزر العمال ،رأى بقايا من الحواسيـب،رأى هولا عظيما،رأى حذاءا لحارس الليلي الذي قتل في القصف الهمجي...) والى أي زمن تنتسب الحواسيب...؟ كان يجب تبرير ذلك...
والمعجزة، إن صاحب المصنع، بدلا من لم جراحه يستشير "الراوي" في العمل بالخارج، يعني في مصنع يتبع مصنعه وهذا لم نسمعه، ولم يشار إليه ثم من هو صاحب المصنع،؟؟ هذا الرجل المثالي الواعظ الذي يوصيه بالعمل والكفاح من اجل قوت أولاده( همّ بالانصراف...لكنه سمع صوتا يناديه مـــــــن خلف..أبا وحيدة...التفت،فإذا هو صاحب المعمل
ألك استعداد للعمل في الخارج،وصبر على أهــــلك ووحيدتك؟)  ينتفض مرة أخرى في تناقض كبير ليحارب أو ليربي وحيدته ،انقسم" فتيل العاطفة بين الوطن  ووحيدة"(لقد قرّرت أن أحمل السلاح وأقاوم الاحتلال،أقاتل أبناء ال.....قال ذلك في حدّة وحماسة.) 
أتعبنا "الراوي" في تحديد شخصية صاحب المعمل الايطالي ، بأنه كان يقصد لم  العمال الأكفاء ، رغم إن القاص لم يوضح أكثر إمكانيات "أب وحيدة" المهنية، التي استدعت 
من صاح ب المعمل أن  يسفره إلى الخارج، مقتنعا على غرار من تنطبق عليهم "أغنية دحمان الحراشي "(ياالرايح وين رايح تروح تعيا وتولي) وما حرك سفره "طلب وحيدة" للبس حذاء ايطالي(وهو طلب غريب) "عارض" حول أركان  البطل وجعله يقرر السفر 

06- تخطيط العودة قبل السفر وحدوث العقدة :

     ترقب العودة "كان سطحيا" لم ينقل لنا معاناة ، كانوي في بلاد الكفرة ولا وصف لنا مستويات العمل لنأخذ فكرة ، بل أشعرنا بمعاناته  في شكل ملفوظ( التفكير في القصف وشراء "الحذاء الايطالي"  ومدح ايطاليا بأجود الأحذية المصنعة  بجلود ماعز الجزائر )وبين ستة اسطر واختصار زمني رهيب قرر العودة (دون معرفة كم لبث هناك)، أو ربما لو ذكر مقياس الحذاء كنا حددنا عدد سنوات الغربة ،وعاد أخيرا في جو عادي كأي مسافر ينزل إلى  أرضه يرى الناس الشجر  الهوى، فأين الروعة ...؟، الروعة فما نصنعه(كان اللقاء رائعا أسطوري، كانن مع الأرض،مع الهواء..مع الشجر،مع الحجر،مع الناس،مع كل شيء.....)  
   يعصر ذلك "اللقاء الأسطوري" تقاسيم اللوعة فيه، عندما  يجد ابنته قد بترت ساقاها، معبرا عن أن سفره كان مدفوع الأجر من خلال الغارة ربما تكون قد بترت  ساقيها لأنه الراوي يظهر انه بهت حتى أنساه "ذكر سبب البتر"، واغلب الظن إن وحيدة كانت تلعب "أمام الدار" حتى فاجأتها شظية  أو قنبلة لا طالما حركت  شؤونه في ليالي الغربة، لم يواصل الرواي في وصف الحالة الدرامية بملفوظاتها الراقية سوى انه اختزل موقفا يكاد يشمل القصة برمتها، بسقوطه مغميا عليه وهو يقول للاستعمار يوم أخر(راح يرفع الغطاء عن ابنته ليلبسها الحذاء بنفسه تماما كما كان يفعل معها في صغرها..رفع الغطاء...رأى منظرا أهاله...رأى أن الرجلين الجميلتين بُترتا، سقط وهو يقول: وللاستعمار  مغميا عليه يوم آخر.........)
قصك جميل من حيث توظيف ما أردت لو تم الأمر بأسلوب خطابي، يعتمد على عدم الجزالة في التوظيف للمعاني والاكتفاء بتحديد عناصر القص لكان اجملا،خاصة لو أشرت لنا في القصة إلى الجانب المكاني حتى نوظف معلوماتنا أثناء الاستفادة من تنمية المعارف لان كل دول العالم تعرضت للقصف، وكلها  احتلت ولازال أطفالها بقصفون....