الشاعر عزوز عقيل يحاور الأديبة المغربية منى وفيق

حاورها :عزوز عقيل
· اترك لك البداية ماذا تقولين؟
لطالما تمنيت التواصل مع القارئ والمبدع الجزائري وهاهي جريدة صوت الأحرار تهديني هذه الطلة الأدبية من خلال هذا اللقاء معي والأجمل أن يكون محاوري شاعرا جزائريا جميلا وإنسانا مميزا كعزوز عقيل إنه أول لقاء تجريه معي جريدة جزائرية ويأتي في أجواء سياسية معكرة يعرفها البلدان الشقيقان المغرب والجزائر...أكثر ما يسعدني هنا أن الأدب أرقى وأنقى من السياسة وقادر على الدوام على إزالة الشوائب التي تأتي بها هذه اللعبة القذرة !
· منى وفيق بين الدراسة والصحافة والأدب ألا تجدين في هذا بعض التشتت لقدراتك الإبداعية؟
أنا أعتبر الحياة فنا فكل منا فنان على طريقته الخاصة مثلما كلنا غبي وذكي في كل شيء وعلى طريقته الخاصة ، نحن في مختلف المجالات الحياتية مبدعون عبى اختلاف أشكال الإبداع ..السعادة بالنسبة لي هي أن أكون مبدعة في الصحافة والدراسة والأدب والحب وحتى الفشل وطريقة الأكل أيضا أنا عكسك تماما لا أرى في الأمر تشتتا ..وكأنني سمفونية حياة تتكامل فيها نغمات الصحافة والأدب والدراسة !
· أيهما أقرب إليك الصحافة أم الأدب وهل أنت مع الذين يقولون أن الصحافة تصنع الشهرة وتقتل الإبداع ؟
وكأنك تسألني أي من عيني الاثنين أرى بها أفضل ..لا أنكر أنني عشقت الصحافة قبل الأدب ولكنني اعشق الصحافة تارة أكثر وأعشق الأدب تارة أخرى أكثر! سبق وقلت لك أن الصحافة ذاتها إبداع..أعترف لك أن الصحافة تقتل الوقت والمزاج حين يستحوذ عليها لصالحها لكن هناك دائما مكان للأدب فوقته يختمر وينضج على بطء وبين الصحافة والأدب ورغم كل النشاط الذي تراني أتعرفه أنا كسولة جدا ويقول أحدهم الكسل أبو الإبداع وعندي أنا الكسل هو أب الإبداع الصحفي والأدبي..!
- · نشرت مؤخرا قصة قصيرة في أصوات أدبية " فرحا بالموت "هل يعتبر هذا تقربا من القارئ الجزائري في ظل ما يشبه القطيعة الأدبية بين بلدين شقيقين ؟
هل تعرف؟ حين نشرت القصة مؤخرا في "أصوات أدبية" جريت ركضت ،وقفزت فرحا وكأني أنشر إبداعي لأول مرة ..قلت سيقرؤني القراء الجزائريون النخبويون والبسطاء..هم ذاتهم قراء الطاهر وطار وأسيا جبار ووسيني لعرج وأحلام مستغانمي ورشيد بوجدرة قلت في نفسي ربما ستظل القصة معلقة في قلبوهم كما هي معلقة في قلبي جسور قسنطينة التي تسلقتني دون أن أفعل وأراها حتى!!
شخصيا لا أرى أنه ثمة قطيعة أدبية من أي نوع بين البلدين فكل ماهو إبداع كان رواية أو قصة أو موسيقى أو رسم أو سينما يصل للبلدين الشقيقين تاريخا وجغرافيا ..ثم لو كانت هذه القطيعة موجودة أكنت تحاورني الآن؟! الأدب بالنسبة لي يعني الإنسانية بكل دلالاتها العميقة وهو أبعد عن السياسة وقذارتها..الأدب مهموم بالإنسان ولا أخال الإنسان الجزائري يقاطع الإنسان المغربي ولا المغربي يقاطع التونسي ولا التونسي يقاطع الموريتاني وهكذا دواليك
· أنت كالنحلة كثيرة النشاط تتواجدين في مختلف المواقع الأدبية المهمة ماذا وراء هذا الركض؟
نحلة يصنعها العسل أي حب العمل والانطلاق والتواجد بقوة وقذف الهامش..صدقني حين أقول لك أن أربعا وعشرين ساعة لا تكفيني للقيام بجل ما أحبه ..تسألني ماذا وراء هذا الركض؟ وراءه رغبة كبيرة وقوية في أن أكون وأتواجد إبداعا وعملا..في أن أجعل جينات الفرح تتكاثر ..أأكون حالمة بعض الشيء لو قلت لك أنني أريد أن أصل لكل الدنيا وأن تصل كل الدنيا إلي ؟
ومادمت تحدثت عن الانترنت والمواقع الأدبية فأنا بالمناسبة لا أتواجد فقط في المواقع الأدبية المهمة بل أيضا أشتغل مراسلة لموقع "هداية نت إضافة أنني لا أغفل النشر الورقي رغم محدوديته لكن له حميميته التي لا تعوض ..التواجد على الانترنت يعزز لي حضوري ويجعل لي بالتالي قراء محتملين في كل الأرض!!
· ماذا تمثل لك الشهرة ؟
توقفت طويلا مؤخرا عند قولة "مونتسكيو" عن كون العرب مجرد قطاع طرق وتساءلت من كان يقصد حقا مونتسكيو في كتابه روح القوانين بقوله هذا ..قلت وأنا أفكر في الحادثة التي حصلت معي مؤخرا ربما يقصد هذا المفكر الفرنسي أشباه الكتاب كذاك الذي حسب نفسه عرابا للأدب وهو أبعد عن أن يقرب له ولا يشكل هو وأشباهه سوى قمامات أدبية تكثر يوما بعد الأخر ...هذا الأديب في قلة الأدب اتهمني قبل شهر أنني أدعيت سرقة قصتي صاحب الظل الطويل لأشتهر مع العلم أنني لم أكن من اكتشف سرقة القصة ولكنها الصديقة الشاعرة "فاطمة ناعوت" التي اكتشفت بالصدفة وجود قصة لي على أحد المواقع باسم كاتب وهمي ....الشهرة بالنسبة لي ليست أن يشار لي بالبنان في الشارع أو تتسابق الجرائد والمجلات لتجري معي حوارا قد أجده يوما ما كيسا ورقيا يلف فيه الفول السوداني مثلا ! الشهرة بالنسبة لي تعني حب الآخر وإحساسه بم أكتبه ...كل شهرة هي إلى زوال !! حسبي فقط أن مداد القلم الذي يعبث في الورق يكون أيضا مداد يعبث في قلوب الغير وأن لا مكان له في ثقوب الذاكرة !
· كيف ترى منى وفيق الحركة القصصية في المغرب مقارنة بالدول العربية الأخرى؟
بالنسبة لي القصة القصيرة بالمغرب تعيش مخاضا ملحوظا طال جوانب عدة من كينونتها ..هي جنس يستقطب الكثير من الأقلام في المشهد الإبداعي بالمغرب الراهن لا يتجلى هذا فقط في كثرة الأسماء والمجاميع القصصية لكن أيضا النصوص التي تنشر في الملاحق الثقافية للصحف وفي الشبكة العنكبوتية ويمكن توقع تكاثر متزايد في هذا الجنس الأدبي بالمقارنة مع الأجناس الأخرى ..بالنظر على التحول العميق الذي تشهده القيم الاجتماعية وإيقاع الحياة والتعامل مع الزمن المنطلق في بضع سنين الأخيرة ما يميز الساحة القصصية المغربية حاليا من وجهة نظري هو تعدد الرؤى والاتجاهات ومختلف أشكال التعبير التي تعرفها القصة أيضا ظهور جيل جديد بارز يحمل رؤية مختلفة يسعى من خلاله تجاوز كل الأشكال السابقة .أضيف أنه لا مجال عند الأقلام المغربية الشابة لقداسة اللغة وبذخها لكن المجال الذي يكبر ويتسع فهو لكشف المختلف والمثير والمدهش في الوسط المغربي الشيء الذي يطهر جليا من خلال المعايير اللغوية والفكرية والخيال أيضا.
· يشاع عندنا في الجزائر بأن الأخوة المغاربة قد برعوا في النقد الأدبي بينما مازالت القصة والقصيدة لم ترق إلى المستوى كيف ترد منى على مثل هذا القول ؟
هذا حكم يحتاج إلى دلائل وإحصائيات ودراسات لا أدري إذا كان الأمر علاقة بالشائعة الأدبية ولو كان كذالك هل أصدق أنا وغيري ما يشاع عن كون الأدب الجزائري صار متطرفا ؟!
قيما يخصني لا أتفق مع ما يقال عنكم عن كون المغاربة برعوا قي النقد فقط وكون القصة والقصيدة لم ترق للمستوى ؟! لا أظن أن هناك سقفا للمستوى المطلوب بحيادية تامة أنا أرى أن المغاربة حاليا هم من أهم شعراء النثر الحديث عربيا أما القصاصون المغاربة فهاهم يسعون بكل جهد جهيد إلى قلب مكونات النص القصصي لمسايرة السيرورة الزمنية وأرى جيلا جديدا ينتظر التاريخ ليحدد قيمته !
· ماذا تقولين للقارئ الجزائري
قبل أيام سمعت أنه حين حل الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش شاعرا كبيرا على الجزائر وأقيمت على شرفه مأدبة عشاء حضرها وزير الثقافة المغربي محمد الأشعري كان حضور وزير الثقافة المغربي سؤالا حير كل الأدباء الجزائريين الذين قالوا أن الجواب لا يعرفه إلا الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة أتمنى أن لا يكون الحوار الذي أجرته معي أصوات أدبية هو الأخر سؤالا قد حير القارئ الجزائري الذي يمنح لكتاباتي بقراءتها إبداعا جماليا لا تدركه غير قصصي !