/

مقالات نقدية

أنتولوجيا الابداع

هوامش الإبداع

الشاعر عزوز عقيل يحاور الشاعرة المغربية فريدة العاطفي


فريدة العاطفي شاعرة مغربية تقيم بباريس تشكل على الخارطة الإبداعية اسما أدبيا، تزاوج بين القصة والشعر لها مجموعة شعرية طبعتها مؤخرا في مصر عن قصيدة النثر وقصيدة الإيقاع وكثيرا من الأشياء التقتها أصوات أدبية متلبسة بالكثير من الأشياء فوجهت لها العديد من التهم الأدبية وكان دفعاها مقنعا إلى درجة أنك تؤمن بما تقول دون إطالة نترككم مع ما قالته الأدبية الشاعرة فريدة العاطفي.
                             حاورها :عزوز عقيل
·       المعروف أن الأصوات التسوية كثيرا ما تكتب القصيدة النثرية فما سر إصرار فريدة على كتابة قصيدة الإيقاع ؟
§       الاختيارات الشكلية للقصيدة لا علاقة لها بالجنس ، هي مسألة اختيار وقناعة يمتزج فيها الوعي باللاوعي أحيانا ، فالقصيدة النثرية كتبها ومهد لها رجال ونساء ونفس الشيء بالنسبة لقصيدة الإيقاع وأنا لا أدعي أنني أكتب قصيدة الإيقاع بمعنى الانضباط للبحور والتفعيلة، أنا فقط أشعر بانجذاب كبير اتجاه الإيقاع الخارجي الذي يعني تكرار حروف معينة عند كل شطر حين يؤدي ذلك وظيفة جمالية ، وربما لأنني أعتبر أن الإيقاع الخارجي بهذا المعنى يمتلك قوة سيكولوجية تسهل عملية وصول القصيدة إلى لا وعي القارئ بسهولة وسلاسة ويسر، وهذا في اعتقادي هو ما يفسر ذلك السحر الكبير الذي يمتع به نزار قباني مثلا، وتلك المكانة الباهرة التي يحتلها الشاعر الفلسطيني محمود درويش بالإضافة طبعا إلى قيمتها ومكانتها الشعرية، وما يزيد من انجذاب إلى هذا النوع من القصائد هو كوني أحلم أن أكتب القصيدة المغناة، لكنني بالمقابل لا أقيد نفسي عند اختيار معين ولا أعتبر أن هناك حدودا بين أشكال القصائد، ويمكن للشاعر أن يكتب بأكثر من طريقة وأكثر من اختيار، أنفتح بقراءاتي على كل التجارب وأحب الكثير من شعراء القصيدة النثرية، لقد بهرني مثلا ديوان الشاعر البحريني قاسم حداد "أيقظتني الساحرة" وخلق بداخلي متعة لا حدود لها، ولم يكن وحده، هناك العديد من القصائد النثرية التي هزتني من العمق كما تهزني الكثير من الأسماء التي تكتبها ولا أملك إلا أن أحترم عملها.
·       الأسماء الإبداعية المغاربية المتواجدة بكثرة في فرنسا ومعظمهم يشتكون من عدم التواصل بينهم ما سر هذه المقاطعة، ألم يحن بعد التفكير في مكان يجمع هؤلاء؟
§       هناك مركزية ثقافية في فرنسا خصوصا قيما يتعلق بالثقافة العربية، ونتيجة لهذه الوضعية المبدعون الذين يتواجدون بباريس يعيشون التخمة الثقافية بحيث قد تمنعهم هذه الوضعية الثقافية من التفكير بشكل جدي قي خلق إطار للتواصل فيما بينهم، أما المتواجدون في مدن أخرى فيعيشون وضعية ثقافية مناقضة تماما تتسم بالعزلة والاضطراب الثقافي الحقيقي، بمعنى تعذر إمكانية تواصلهم مع الثقافة العربية وهم قلة مبعثرة في مدينة وأخرى، وتمنعهم وضعيتهم هذه أن يقوموا بمبادرة فعلية بحجم خلق إطار خاص بالمبدعين والمثقفين المغاربيين.
·       ألا تشعر فريدة بغربة الحرف العربي خاصة أنك مولعة بكتابة القصيدة؟
§       حد الوجع يا صديقي العزيز، حد البكاء، في الغربة تفقد كل شيء تقريبا الأحباب، الأصدقاء، الأهل، أماكن، روائح أزقة، ألوان تقود إلى الطفولة وإلى الجذر، التحليل النفسي يرى أن كل ما يحدث في حياتنا ليس إلا تكرارا رمزيا لما حدث في طفولتنا، وهذا فكر سواء اتفقنا أو اختلفنا معه يعكس أهمية كل ما يحدث في طفولتنا، على حياتنا ومستقبلنا فيما بعد،وحين يهاجر الإنسان يترك ليس فقط كل طفولته وإنما كل حياته، بعد ذلك يفقد حتى قدرته لأن ينظر إلى بلده بنفس الطريقة،و العلاقة بالكتابة هي جزء من هذه الغربة العامة، ففي بلد مثل فرنسا مثلا هناك مركزية ثقافية كبيرة كما قلت في الإجابة على السؤال أعلاه، وبالنسبة للثقافة العربية خصوصا منها المكتوبة باللغة العربية كلها متمركزة في باريس، مراكز ثقافية، ملحقات، سفارات،مؤسسة معهد العالم العربي التي تلعب دورا مهما، لكن مدن مثل مدينة ليون التي أقيم بها رغم جمالها وخصوبتها الثقافية لا وجود فيها للثقافة العربية إلا بمستويات نادرة، وجد فلكلورية، وأستطيع أن أقول لك أن نافذتي الوحيدة للثقافة العربية هي الانترنيت، وقبل انفتاحي عليها كنت أتعرض بسبب هذا الموضوع إلى نوبات اكتئاب حادة، لم يكن تواصلي وتتبعي للثقافة الفرنسية يقدر على امتصاصها.
·        مغربية الأصل وتعيشين في فرنسا وتطبعين في مصر ما سر هذا التواجد في مناطق مختلفة؟
§       في المستقبل لدي مشاريع تتوزع جغرافيا ولغويا أكثر وهذا التواجد هو تعبير عن جانب في تفكيري، وقلبي يحن إلى الكونية، وقد انفتحت على مفهوم الكونية بداية في مجال حقوق الإنسان ثم بدأت أستوعبها بعد ذلك ثقافيا وفكريا وإنسانيا من خلال الحياة اليومية، لأن الإقامة في أوربا لها شموسها الجميلة، هنا أتعلم يوما بعد آخر كيف أتقبل اختلاف الآخر الذي ينتمي لحضارة أخرى وثقافة أخرى، ولي زاوية مختلفة تماما في الرؤية للحياة، وكيف يمكن أن يتحول اختلافنا الثقافي والديني والفكري والحضاري إلى عامل يغني حياتنا النفسية والثقافية، وهذا ما أعبر عنه بشكل كبير في قصصي، لهذا فأنا أشعر بانبهار كبير اتجاه الأشخاص الذين يتقنون أكثر من لغة أجنبية، في الشعر مثلا تثيرني تجربة الشاعرة اللبنانية جمانة حداد التي تتحدث لغات عديدة،تمكنها بشكل خصب ورائع من الانفتاح على ثقافات عديدة وبلدان عديدة بلغتها الأصلية، إن هذه الإمكانية هي بالفعل ثروة حقيقية لا تقدر بثمن تمكن الإنسان من التحول من جغرافيا محددة إلى كائن شمولي وكوني، خصوصا إذا كان كذلك في تفكيره.
·       في ظل زحمة الانترنيت هناك أسماء مختلفة، ألا تعتقدين أن الانترنيت بقدر ما هي نعمة تعتبر أيضا نقمة على النص الأدبي الجميل؟
§       لا أعتقد ذلك أبدا لسبب بسيط جدا هو أنك لا تستطيع أن تقول عن شخص يكتب بشكل متواضع الآن بأنه لن يكتب الأجمل في المستقبل فهناك أشخاص كثيرون يحتاجون فقط لتجاوز ارتباكات البداية ، وجرأة النشر تمنح بعضا من الثقة قد تساعد أن يكون المبدع أكثر جرأة مع نفسه فينطلق في البحث عن الإمكانيات الموجودة بداخله والتي قد تكون باهرة في التجارب العالمية لكثير من المبدعين ما يصلح لأن يكون مثالا لما ذكرت مثل الروائي الفرنسي فلوبير الذي بدأ مشواره الأدبي بكتابات متواضعة لم يكن أحد يتصور أنها ستنتهي به إلى كتابة أحد أجمل الروايات العالمية مدام بوفاري ، ما يحدث في الانترنت هو تجربة ديمقراطية والديمقراطية تعريفها بسيط من حق أي شخص أن يتواجد وتجربته هي التي تحدد مدى استمراريته أم لا ولست أنا أو شخصا أخر ، ولكن الموضوع يزعج الكثيرين لأننا لم نتعود على الديمقراطية ألم تقص في المنابر الورقية طاقات جميلة تمتلك إمكانيات إبداعية هائلة لمجرد التعصب لذائقة معينة في الكتابة؟
·       الكثير من المبدعين يخشى من القرصنة على النص الإبداعي على مستوى الانترنت ألا تخشى فريدة العاطفي على نصوصها من السرقات الأدبية خاصة ونحن نعرف بأنه لا توجد قوانين تحمي حقوق المؤلف والمبدع؟
§       القرصنة هي سلوك قد لا يسلم منه حتى الإبداع المكتوب ،لذلك الذي تعود على القرصنة سيسرق إبداع غيره حتى ولو كان مكتوبا خصوصا حين يتم استغلال مفاهيم مثل التناص الإبداعي أو توارد الأفكار عند المبدعين.
·       تم مؤخرا إنشاء اتحاد الكتاب الانترنت العرب كيف تنظر فريدة إلى هذه الاتحاد وهل يمكن أن يعوض ما يعرف باتحاد الكتاب العرب الذي مازال يعرف صراعات المناصب ؟
§       التجربة مثيرة فعلا وهي أيضا جديدة ومسألة الصراع على المناصب الفعلية أو الرمزية هي عقلية عتيقة ولها تاريخ متجذر ، فهل سيؤدي الانترنت إلى تغيير العقليات وإلى تحقيق نوع من القطيعة مع ممارسات ساهم فيها ويتم إعادة إنتاجها أحيانا حتى من طرف بعض من الذين ينتقدون اتحاد الكتاب العرب ؟هذا سؤال شبيه بالأسئلة الفلسفية الكبرى يستحق فعلا أن يضل مفتوحا على احتمالات المستقبل.
·       يعرف المغرب حركة أدبية متطورة في المدة الأخيرة ولكن مع ذلك لا نجد الأسماء الشعرية النسوية إلا القليل لماذا يغيب النص الشعري النسوي مقارنة بالنصوص النثرية؟
§       أبدا أبدا لدينا أسماء نسائية جميلة ، لكن المسألة ليست في النساء المسألة في من النساء اللواتي يتم التعريف بهن؟ في المغرب مسألة النشر ليست سهلة ومعظم النساء اللواتي يتم التعريف بهن واستدعائهن لحضور مهرجانات حتى على المستوى الداخلي هن زوجات لمبدعين مع استثناءات نادرة مثل الشاعرة وفاء العمراني التي عرفت بعطائها وليس بارتباطها برجل .
·       في الأخير ماذا تقولين للقارئ الجزائري ؟
    أتمنى لكل مواطن جزائري أن يمتلأ بالحب ليس هناك من تجربة           تستحق أن نعيشها ببهاء إلهي مثل الحب وله مني كل الحب.