الشاعر عزوز عقيل لجريدة الشاهد حاورته القالي زينب

عزوزعقيل، شاعر جزائري معاصر، من مواليد عين وسارة، زاول دراسته بكل مراحلها بمسقط رأسه، ثم التحق بالجامعة ليتحصل على شهادة ليسانس بالأدب العربي. شارك في الكثير من الملتقيات الأدبية، كما سبق له الفوز بالعديد من الجوائز محليا وعربيا، وقد أدرج اسمه بالكثير من المعاجم كمعجم البابطين للشعراء العرب المعاصرين، وموسوعة الشعر العربي من الشعر الجاهلي إلى العصر الحديث وموسوعة العلماء والأدباء الجزائريين، كما تم اختيار إحدى قصائده في ديوان أروع ما قيل في الغزل المغاربي وتم اختياره من أفضل كتاب العالم لعام 2009، نشر مجموعتين شعريتين "مناديل العشق" و"الأفعى" وقد ترجمت قصائده إلى لغات مختلفة الفرنسية والانجليزية والبولندية والإيطالية والرومانية وغيرها .
الشاعر "عزوز عقيل" يفتح قلبه لـ«الشاهد »:
صالون "بايزيد عقيل الثقافي" أول صالون أدبي جزائري يعيد بعث فكرة الصالونات الأدبية القديمة
"أنا أحلم بأحلام غيري لأن الشعر في نظري رسالة يجب إيصالها إلى أعلى مستوى "
"الشاعر في بلادنا تبدأ معاناته من أول قصيدة لأنه يدخل في صراع دائم مع السياسة والمجتمع ".
حاورته: القالي زينب
كيف يعرف الشاعر عزوز عقيل الشعر؟
الشعر هو ذلك العشق الأزلي المفعم بالأحاسيس المتسامية، هو ذلك الفيض الجارف الذي يسمو بالنفس البشرية إلى ملكوت الجمال والإبداع، الشعر هو المحبة هو الصفاء المتسامي لتعانق روح الإنسانية، هو النبل الذي يرفرف بأجنحة الشوق لزرع المحبة والدفء في الروح الإنسانية التواقة إلى الجمال، الشعر هو الصدق مع النفس لترجمة الأحاسيس إلى كلمات خالدة تحمل في ثناياها ما يعبر عن الوجود.
كيف يعرف عزوز عقيل شعره؟
الحقيقة أنا واحد من هؤلاء الشعراء الذين تنفّسوا هواء الجزائر وشربوا من نخبها كؤوس المحبة، أنا واحد ممن استهواهم هذا الوطن فغنيت للوطن، للحب، للجمال، لكل الأشياء الجميلة التي تزخر بها الجزائر، أنا كتبت القصيدة بنوعيها العمودية وقصيدة التفعيلة، وخضت الكثير من المجالات الإبداعية الأخرى كالقصة وغيرها، لكن ظل الشعر هو الوحيد الذي يستهويني بجمالياته، بروحه التواقة، أنا شاعر يكتب بلغة بسيطة هي لغتي لم أركض خلف التوهان،ل م أركض خلف الغموض أو ما يعرف بالإبهام، لأن الشعر ببساطة، والشعر كما قلت سابقا، محبة وصدق وصفاء، شعري هو لحظات صدق مع ذاتي التواقة إلى ملكوت الجمال.
يمزج قلمك بين الشعر الحر والموزون، أين تجد نفسك؟
في الواقع أنا لم أخرج بعد عن الشعر الموزون سواء كان حرا أو عموديا، فالقصيدة الحرة عندي موزونة تخضع لنفس البحور التي تناولها الخليل بن أحمد الفراهيدي. أما ما يعرف بالقصيدة النثرية، فلي بعض المحاولات ولكنها خاصة بي لم أنشر ولا واحدة منها إيمانا مني بأنني عرفت بالشعر الموزون بنوعيه، فلم أشأ أن أشوش ذهن قارئي بالخصوص. أما من ناحية أين أجد نفسي فطبيعة الموضوع والفكرة هي التي تفرض القالب الخاص الذي تكتب به القصيدة، فأنا لا أفكر مسبقا هل أكتب القصيدة عمودية أو حرة، مثلما جاءت في بدايتها أترك لها الحرية في اختيار طبيعتها ولا أمارس قيودا على قصائدي عموما.
ماذا تكتب حينما تكتب، هل تنطلق من ذاتك؟
أصدقك القول أنا أنطلق منهما معا، أحيانا من ذاتي حين أشعر أني بحاجة إلى التنفيس أو شيء من هذا القبيل، وفي أحيان أخرى أنطلق من أحلامي كي أجدها على الورق كحقيقة، أنطلق أيضا في كثير من الأحيان بما يحيط بي وأنا في هذه الأيام أشتغل على مجموعة شعرية هي التجربة الأولى في غرض من الأغراض الشعرية، فأنا لم أجرب الهجاء من قبل لكن هذه الأيام أنا بصدد كتابة مجموعة شعرية بعنوان "هجائيات"، هي مجموعة قصائد تسلط الضوء على بعض الكائنات البشرية المتنوعة التي ساهمت في تخريب الذات الإنسانية وإفساد المجتمع بسلوكيات مضادة للسلوك الإنساني، إذا أنا أحلم بأحلام غيري لأن الشعر في نظري رسالة يجب إيصال صوته إلى أعلى الأصعدة.
ما هي الرموز التي تعتمد عليها في قصائدك؟
أنا لا تستهويني عملية وضع الرموز ولا أبحث عنها كي أوظفها، ففي كثير من الأحيان الفكرة هي التي تفرض عليك وضع رمز معيّن، خاصة أن توظيف الرمز لا يأتي جزافا بل يأتي من خلال مكتسبات الشاعر الثقافية، فالكثير من الرموز التي تكون علقت في الذاكرة ولكن القصيدة وطبيعتها هي التي ستحضر هذا الرمز، أما البحث عن الرمز وتوظيفه فاعتقد أنه يجعل القصيدة تخرج من طبعها الإبداعي إلى طابعها النظمي رغم وجود الكثير من المبدعين الذين يسعون جاهدين في البحث عن الرمز وتوظيفه، فهناك فعلا من استطاع أن يوظفه بما يخدم النص وهناك الكثير من جند هذا التوظيف على قصائده فتشعر وأنت تقرأ هذه القصيدة أو تلك بأنها مقحمة بعض الأشياء فيها إقحاما وفي تصوري أنه الرامز وتوظيفه إذا لم يأت طواعية فهو قد يجني على النص أو القصيدة أكثر مما يخدمها. للتذكير فقط، أن هناك ما يعرف بالشعر العمودي وشعر التفعيلة، أي ما يعرف بالشعر الحر، وهذا ما كتبه السياب ونازك الملائكة، وهناك ما يعرف بالقصيدة النثرية هذه الأخيرة التي تعرف إشكالا كبيرا، فالقصيدة النثرية ليست بالأمر الهيّن كما يتصورها البعض وفي كثير من الأحيان هي أصعب مما يعرف بالشعر الحر الموزون، لأن الشعر الموزون يحتاج إلى إيقاعين داخلي وخارجي وقد يغطي الإيقاع الخارجي والمقصود به التفعيلات وبحور الخليل نوعا ما على الإيقاع الداخلي فتظهر القصيدة بنوع من الجمالية، أما القصيدة النثرية فهي تحتاج إلى الإيقاع الداخلي هذا الذي يعطي لها جمالياتها الخاصة، أما وصف بعض الكلمات وتسميتها بالقصيدة النثرية فهذا الذي جنى على هذا المفهوم وأصبح كل من هبّ ودب برصفه لمجموعة من الكلمات يعتقد أنه شاعر جهبيذ، وأنه وأنه، وعلى العموم فالكثير من القصائد النثرية التي نقرأها تتجاوز القصائد العمودية والحرة الموزونة، لأن القضية ليست قضية وزن وبحور شعرية فقط، بل القضية أكبر من ذلك بكثير، ولعل الأسماء الجزائرية الكثيرة التي استطاعت أن تبرز في هذا المجال كالشاعرة نصيرة محمدي والشاعرة سليمى رحال وغيرهن كثيرات ممن استطعن أن يشكلن من قصيدة النثر إبداعا متميزا، فهن يشتغلن على المعنى واللغة الشعرية وهذا الذي يضفي على القصيدة رونقا وجمالا.
ممكن للشاعر عزوز عقيل أن يحدثنا عن تجربته في صالون بايزيد عقيل الثقافي؟
صالون "بايزيد عقيل الثقافي" نافذة أخرى على الأدب البريء من الشعارات والصراعات الأدبية هو فكرة الشاعر عزوز عقيل وثلة من الأصدقاء تجسّدت الفكرة في بيت الشاعر عزوز عقيل، وأعطاها اسم والده رحمه الله، وكان فعلا فضاء للكلمة العذبة، الكلمة الجميلة، كنا نلتقي مساء كل خميس من آخر كل شهر نبوح بما جادت به القرائح الشعرية نتناقش في مواضيع ثقافية شتى وكنا نستضيف في كل جلسة من جلسات الصالون أدباء عن طريق الهاتف وبتكنولوجيا بسيطة، كنا نتناقش معهم في تجاربهم الإبداعية والثقافية. علما بأن صالون بايزيد عقيل الثقافي هو أول صالون أدبي جزائري يجسد حكايات الصالونات الأدبية القديمة بدءاً من صالون سكينة بنت الحسين مرورا بصالون ولادة بنت المستكفي وصالون نظلي هانم ومي زيادة والعقاد والكثير من الصالونات الأدبية التي استطاعت أن تعيد للأدب بريقه ومجده. ولعل الصالون الأدبي استطاع في فترة قصيرة أن يجسد الكثير من النشاطات الثقافية التي ساهمت في خلق جو إبداعي ليس على مستوى المدينة فحسب، بل تجاوزها بكثير، وكنا نتمنى أن تتجسد هذه الفكرة في كل ربوع الوطن فتكون هناك صالونات مماثلة للشعر وأخرى للفن بأنواعه مبتعدين بذلك عن كل العقبات التي تشتكي منها الفئة المثقفة.
بعد هذه التجربة ألم تتعب من كتابة الشعر؟ الشعر بقدر ما هو ممتع فيه الكثير من التعب خاصة عندنا في الجزائر، فالشاعر عندنا يوجد دائما على الركن فهو بعيد عن كل المؤثرات الثقافية والسياسية وحتى الإبداعية حتى على مستوى القراءة، فنحن الآن في زمن التكنولوجية التي جنت على المقروئية، فأصبح الشاعر يعيش انعزالا تاما فلا هو مستفيد من شعره ولا الآخرون ينظرون إليه بعين التقدير. أنظر كم عندنا من شاعر في الجزائر وكم هم الذين وضعيتهم مرتاحة، إلا القليل منهم. بكل أسف، عندنا الشاعر من أول قصيدة تبدأ معاناته وكأنه في خصام دائم بينه وبين السياسة، بينه وبين المجتمع، ليس هناك تواصل جميل يجعل الترابط بين الشاعر ومن حوله يشكل علاقة طيبة وجميلة.
كلمة أخيرة
سعيد جدا بهذه المقابلة التي أعتبرها متنفسا جديدا، خاصة وأنها جاءت بعد فترة انقطاع عن الساحة الأدبية وذلك لانشغالي بالدراسة الجامعية ولعلها ستكون فرصة مناسبة وفاتحة لقاء مع القارئ لتجسيد العلاقة الحميمية التي تربط بين المبدع والقارئ، وربما هذا اللقاء سيكون مجسدا لهذا التواصل الجميل الذي أتمنّاه أن يدوم