أنت لست وحدك بقلم محمد مصطفاوي
ثمة صور مشرقة تستوقفك وسط زحام الحياة....تختطفك من فوضاها المزدحمة بأشياء فيها ما يشير الى اللون الرمادي الدي غطى يومياتنا فأحالها الى اتكاسات و انكسار موجع للثقة
انتكاسات نعم....و خيبة شعورنا الجماعي...أقول ثمة هده الصور المشرقة....تختطفك و تس بك
و تسافر بك الى أقصى ماتكون عليه الطمأنينة.....و انتشار طافح بأمل أن ثمة ما هو أجمل و أرقى يمسح هده الزوايا الرمادية
أجل تأتيك الصورة المشرقة قاهرة للرمادي.....لتخبرك...أنك لست وحدك على طرقات الحياة.....و أنه بمقدورك أن لا تبقى وحدك.....طويلا....و أن الحياة ليست فقطكما نعرفها......بل هي تفتح لك كوة ضوء...لتضيء...
الصورة موقف....الانسان موقف.....و القصة هنا هي الاخرى موقف......أتدكر هنا الزاوية المشرقة التي اتحدث عنها....و أتدكر قصة موقف....يشرق بالنبل و أششياء الانسانية لشخص سيدة لا تعرف انني أكتب عنها الان.......لأم أشاهدها في حياتي.....و لم تشاهد هي تفاصيل وجهي......و قد لا ألتقيها أبدا.....و الكلمة الطيبة تسافر بعيدا....و الموقف الطيب يخلد عميقا.....و و كانت موقفا......و قصة موقف....
قبل 12 سنة من الان....كنت أشتغل باحدى الصحف الوطنية و كعادة من يكتب عن موضوعات لها صلة بالحياة و تقترب من انشغالات الناس في أي مكان....و يحاول جاهدا أن يقربها للضوء......لعل و عسى يلتقطها من يهمه الأمر من مسؤولين....كتبت مقالا في هدا السياق...
و لكي تمنحه مصداقيته أخذت شهادات العديد من المواطنين....و كانت جلها تعبر عن مضمون واحد.....تذمر و استياء....من وضعيات ما.....و كانت تبدو لي فعلا أصواتهم مبحوحة من الغضب........و كما كان يجب كتبت المقال.....و نشر في الجريدة....بشكل عادي ككل المقالات....و لكن الذي حدث من تبعات المقال اياه...كان مختلفا .....و الأمر كان يتعلق بادارة المؤسسة المهمة التي كتبت عنها.....رأته من زاويتها هي....تطاولا و اساءة لها.....فأرسلت تعقيبا للجريدة.....و نفت كل ما ورد فيه.....و أكثر من ذالك.....أحتفظت بحقها بالمتابعة القضائية.....كما يحدث في كل الجرائد الوطنية.....و التي لا تعجبها مقالات ل تسير في قناعاتها........
و كان علي أن أقف أمام القضاء لأدافع عن نفسي.....و ما كتبت.....و كنت على قناعة أنها هي من حقها أن ترافع عن ادارتها.....
و من جهة مقابلة كان علي ايجاد اثباتات ما كتبت.....و بالدليل لأنني أمام تهمة القذف.......و رأيت الاثباتات في شهادات المواطنين الذين ألتقيتهم أمام الادارة.........نعم كنت أرى ذالك.....
و فعلا لجأت الى
الصورة هنا أنقلبت تماما....و كدت لا أعرفهم.....هي نفس الملامح...الأشخاص أنفسهم...و لكن الأصوات تغيرت
الموقف تغير......تراجع....البعض منهم من كان يحتفظ بشيء من ماء الحياة.....و القدرة على المواجهة قال لي..........لا لا....نحوسوا على صوالحنا....مناش نتاع مشاكل.....؟؟؟؟؟ لو نقف معك......يعرقوننا في مصالحنا
نهم قالوا أن مصالحهم سوف تعرقل...؟؟؟؟؟؟.....كما لو خذلونني.....بالوجه الصحيح...؟؟؟؟؟
موقف لم أكن لأتوقعه اطلاقا........و في وسط المدينة...أذكر جيدا....و وسط الخيبة.......شخص ما.....طلب مني مرافقته......كنت على معرفة سطحية به.....ينتسب لقطاع التعليم.....ترددت في البداية...حقيقة لم أكن أعرف ما يريد
على وجه التحديد...ركبت معه سيارته....في الطريق قال لي....أنه يرغب أن أرتشف معه فنجان قهوة....
الرجل ذهب بي الى بيته......أعاد استقبالي بترحاب بالغ......و بعد لحظات مرت على مكوثي...وضع أمامي....رزم من الأوراق و الوثائق...
لحظتها لم أفهم و أتبين ما يحدث....و لكن في ما بعد فهمت......الصورة تجلت.....و عرفت أن الرجل.....قرأ المقال الذي كتبته... وز أطلع على خبر متابعتي........و قال لي......
........الأوراق التي أمامك......و الوثائق الطبية هي وثائق زوجتي.....و هي تثبت معاناتها الطويلة....مع الادارة التي تحدثت عنها أنت.......و.....سيدة البيت.....تلح و تصر.....و مازالت.....تقول.....لك......أنا لا أحد....سيمنعني من الوقوف معك.......
في أروقة المحاكم.......لأنك كتبت الحقيقة.....و هي مريضة الان......و مستعدة للوقوف......حتى النهاية.....و أن المعانة ليست معاناتها وحدها....و لكنها معاناة الجميع...؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
أدهشني الموقف......موقف هذه السيدة الكريمة....و الكبيرة في انسانيتها.......في لحظة مريعة خفت صوت من أسمعت اليهم
في لحظة فارقة.......أرتفع صوت سيدة.....ما سمعت لشهادتها......و لكن......أرتفع صوته.....
صوت الضمير فيها......و مات صوت الضمير فيهم........
و الأدهى من ذالك......أن المواطنين اياهم.....كتبوا عريضة......و بتوقيعاتهم.......يكذبون فيها ما كتبت...... بعد تلقيهم الاشارة.......
و الأروع من ذالك.....أنهم خسروا......خسروا ضمائرهم و القضية التي باعوها
و أنتصرت سيدة.....ليس انتصارا لي ...و لكن لانسانيتها......و ايمانها.....بما كتيت و نشرت.....
و ماعانت هي....وسط زحام الحياة نتذكر هنا و هناك......ما يفتح لنا كوة نلرى فيها
ما هو مشرق فعلا.........صورة و موقف من الحياة يخبرنا.....أنك لست وحدك بالضرورة