الشاعر عزوز عقيل في لقاء مع الشاعر سليم دراجي

الشاعر عندنا ينشر ليموت
سليم دراجي ، اسم أدبي لا يحتاج كثيرا إلى التعريف فبمجرد أن تذكره يتبادر إلى ذهنك "اغتيال زمن الورد " و "في انتظار اشارة الإبحار"، جوائز متنوعة، وتكريمات محتلفة من خارج مدينته، يؤلمه كثيرا أن لا تلتفت ـ عين وسارة ـ لأبنائها الذين يحملون مشعلها الثقافي ، سليم يحتاج إلى أكثر من تكريم، فمتى تنفض عين وسارة على نفسها غبار التهميش واللا مبالاة.
سليم دراجي عودة بعد انقطاع، هل هي استراحة الفارس أم هو حتجاج على وضع ثقافي معين؟
سليم دراجي لم ينقطع عن الكتابة يوما فأنا مازلت أكتب الشعر وأشياء أخرى، كل ما في الامر أنني لم أنشر أعمالي في الجرائد الوطنية منذ فترة ، ببساطة لأن عملية النشر في الخارج أغرتني ، فالشاعر عندنا ينشر ليموت، فلا هو يستفيد معنويا ولا هو يستفيد ماديا ، فلا متابعة ولا مقابل مادي للعمل المنشور ، بينما يحظى الشاعر بمتابعة أعماله، ويستفيد من حقه المادي ، وهو ما يبين الفرق بين وضع الشاعر عندنا ووضع الشاعر عندهم، يبقى أنني فكرت أن أنشر نصوصا من حين لآخركحق للقارئ الذي أحترمه كثيرا
صدرت مجموعتك الثانية " اغتيال زمن الورد"هل هي رفض لاغتيال الجمال أم هي فلسفة أخرى يريدالشاعر سليم أن يوصلها لللآخر؟
بل هي رفض واستنكارلقتل المناخات الخصبةلإنبات القيم السامية من خير وحب وجمال، هذه المناخات التي امتدت إليها يد الانسان لتشوهها في نفس الانسان فالحياة جميلة ، وطمس جمالياتها هو قتل لكل القيم الانسانيةالتي لا يستطيع الواحد منا أن يرقى إلى مستواه الطبيعي بدونها
طرقتم أخيرا عالم الإنترنت ، هل هي عدم جدوى الكتابة أم هو التواصل ؟ أم ماذا يريد سليم من ذلك ؟
الانترنت وسيلة معرفية جميلة ووسيلة للتواصل بأسرع الطرق وأيسرها لذلك كان لا بدا من استعمالها للمعرفة والتواصل معا وهذا لا ينفي أن الكتاب سيبقى موجودا بقيمته، وأن الجريدة ستبقى موجودة أيضا بقيمتها مهما تقدمت التكنولوجيا في ميدان المعرفة، لأن العلاقة حميمية جدا بينه وبين الإنسان وقديمة قدم الزمن ولا يمكن فصلها بهذه السهولة "خير جليس في الأنام كتاب "
الثقافة في الوطن العربي تعرف ازدهارا كبيرا من خلال المنتديات الثقافية والأدبية فإلى أي مدى تراها في الجزائر ؟
يا صديقي أي نوع من الثقافة تقصد ، فإن كانت الخاصة بالرقص أو غناء أي كلام ، فهذا النوع موجود والحمد لله وأصحابه يتقاضون بل يتاجرون للقبض قبل هز البطن وقبل الصعود على الركح، وإن كان عن الثقافة العقلية الجادة من مسرح جاد وأغنية ملتزمة ، وقصيدة شعر تصنع القيم والجماليات ، فأصحاب هذه الثقافة موجودون أيضا ولكن من يجمعهم ؟من ينفق على أعمالهم؟ من يقيمهم ؟ هؤلاء مازالوا يتنفسون ويغنون الوطن من خلال بعض الجمعيات التي تعاني من المشقة والتعب ما تعاني من أجل أن تجمعهم في السنة مرة، في أحسن الأحوال ، أما في الوطن العربي فمؤسسات ثقافية قائمة بذاتها ، بأموالها ورجالها وبرامجها ، كعمل ثقافي استثماري وشتان بين هذا وذاك
كرمتم خارج مدينتكم، فهل مازال الاحتجاج قائما ضد مدينتك التي كثيرا ما صنعت جما لياتها الشعرية؟
أما عن التكريم فلقد صنعته بنفسي حين تحصلت على الكثير من الجوائز ، فلم تخل سنة من سنوات التسعينات من جائزة نلتها أو أكثر حتى على المستوى المغاربي والعربي لذلك ارتأت بعض الجهات في مدن أخرى إلى تكريمي وهي مشكورة ولكن مدينتنا التي قال عنها أحدهم " عين وسارة لم تعرف إلا بمركز البحث ، والشعراء " فما زالت لا تعرف كيف ترد الجميل ، فسلطتنا المحلية يغفلون ما معنى أن يكرم الشاعر وما معنى أن يهان الشاعر ولله في خلقه شؤون وبالمناسبة ومن باب رد الجميل أعترف أنني كرمت من بعض المؤسسات مثل ثانوية عمر إدريس التي تصنع الحدث دائما ، وثانوية احمد بن عبد الرزا ق وصالون بايزيد عقيل الثقافي الذي استطاع أن يجمع مثقفي المدينة وأن يفتح لهم باب التواصل بينهم وبين مثقفي الوطن ، وأن يكرم بعضهم بإمكاناته البسيطة ، وأنا شاكر لهؤلاء جميعا
ما جديدك ؟
أنا الآن أقيم المزيد من الجسور العالمية للتواصل من خلال الترجمة ولي مجموعات شعرية ستأخذ دورها في الطبع وبعض الكتابات القصصية أيضا سأعلن من خلالها عن مولدي كقاص جزائري وأشتغل على بعض الظواهر الأدبية في جملة من الأعمال الأدبية الجزائرية، والعربية سأفصح عنها في وقتها
سليم كيف ترون المستقبل الثقافي في الجزائر؟
سيكون بخير إذا تم تقييمه، وتمحيصه تقيما وتمحيصا جيدين للأعمال الثقافية ، وإذا اهتمت مؤسسات الدولة بالثقافة اهتماما جيدا بعيدا عن كل ما من شأنه أن يكون على حساب الثقافة الحقيقية لهذا الوطن ، حينها فقط يوضع المثقف الحقيقي على المحك، وهو جدير بصنع الواجهة الثقافية
بينما تظهر بعض الطفيليات لتتزعم حركة الإبداع ، نرى كثيرا من الأسماء الكبير تختفي من الميدان ، في نظرك إلام يعود غياب هؤلاء؟
هو ليس غيابا ، وإنماهو احتجاج ، فكما يؤخر الجيد ويقدم الردئ، ليوضع في الواجهة الابداعية ، وحينما يمثل الأدب الجزائري باشباه الكتاب ، ويطفو الغث ، ويحجب السمين فلا بدا للاديب الحقيقي أن يحترم نفسه، وهو أمر طبيعي
كلمة اخيرة
قلت لي ذات مساء ثقيل : المثقفون في حاجة إلى مصالحة ثقافية ، وأتمنى أنا أن يحدث ذلك حتى تكون الساحة بخير ، ويعود المثقف إلى عطاءاته ليغرس هذا الوطن الجميل في قلوب الجزائريين كما كان من قبل.
 
 



 
