/

مقالات نقدية

أنتولوجيا الابداع

هوامش الإبداع

السيرة الذاتية للأدبية حسيبة موساوي

استبيان للكاتبة حسيبة موساوي حول قصص الأطفال


*موساوي حسيبة مبدعة وأديبة جزائرية، تخوض عالم الكتابة للصغار والكبار، تساهم في إثراء المكتبة الجزائرية ورفوفها بنوع من الجمالية المتخصصة والمتفردة بها حتى تصل بقارئها نحو نوع من النشوة المفتعلة مهما كان ذلك القارئ أو مهما كانت مراحله من خلال التنوع في أجناس الكتابة والانتقال من عالم إلى عالم.

ومن هذا المنطلق أردنا أن نعرف ونعرف للوسط المعرفي الجامعي الكاتبة حسيبة موساوي. فمن تكون حسيبة موساي؟

** قد يصعب على الكاتب التعريف بنفسه أو التعريف بما يكتبه انطلاقا من مبدأ يؤمن به، أن القارئ أو الناقد عين الكاتب وفراستها لاكتشاف ذلك النبع من العطاء أو الفيض من التعبير من خلال ما نكتبه وما نبدع فيه من أذاء فني جميل حتى نصل بهاته النشوة والاستمتاع لهذا القارئ، مع احتساب ذلك المنهج الذي يروق كل مبدع ليوصل الفكرة من خلال ما يكتبه.

حسيبة موساوي مبدعة وكاتبة جزائرية، من مواليد 23 ماي 1973، بمدينة سطيف، نشأت وترعرعت بهاته المدينة على ضفاف تراثها الشعبي للمحكي القصصي، كانت تقطع وتجوب  مسافات كبيرة حتى تحظى ببعض الاستمتاع وبعض ما يوحي به الخيال من عند أقاربها، كانت للقصة الشعبية إسهام كبير في تدفق ذلك الينبوع السلس لخيالها ومشوارها الادبي, وقد عرفت القصة منذ القدم على أنها غريزة فطرية  وترنيمة عذية من الأم لولدها وهي تهدهده بمهده أو على حجرها، فتصنع من تلك الترنيمات وتلك الموسيقى ذلك الرباط المتين بينها وبين ولدها دون أن يستوعب ما كانت تترنم به شفتاها، بل كان يهتز لتلك الترنيمات ويهدأ عند سماعها، فنشأة الخيال بالنسبة لي كانت نشأة فطرية طبيعية ولدت من خلال التذوق والاستمتاع عند سماع القصة .

نشأت في جو أسري جدّ محافظ لكل تلك القيم وتلك المبادئ والتي يعتقد أنّها أصالة لا تستدعي أيّ فكر آخر، كانت مكتبة الأسرة تعجّ بذاك التنويع الفقهي بين كل ترغيب وترهيب، رغم حبي للمطالعة إلا أن ذلك الفكر الأصولي الذي ينبعث من خلال تلك الرفوف خلق حاجزا منيعا بيني وبين الكتاب، فكنت أمارس نوعا من التمرد على هاته الأفكار من خلال استعارة بعض القصص من الصديقات لقراءتها خفية عن الأسرة تحت ضوء خافت يمنحني سحر السفر ومتعة القراءة.

لا أنكر أنّ تلك الكتب الفقهية برغم لغتها الجزلة وأسلوبها الصعب استطاعت بقدر الإمكان أن تمنحني تأشيرة ولوج عالم الخيال، فكل محكي يصطدم مع واقعي بالنسبة لي يعدّ خيالا جميلا. يخيفني أحيانا وأشتهيه أحيانا أخرى،  وهكذا بدأت رحلتي الجنونية في عالم السحر والجمال, الخلق الفكري أول اهتزازات حواسي الإدراكية، والتهذيب كان نتيجة صراعات بين عالم خيالي شعبي موسوعي وآخر فكري ديني عميق، ليمتزج كلاهما ويكون ذلك الخلق الهادف الذي يستهويني.

أولى كتاباتي تجلت في تلك المواضيع الإنشائية والتي كان يحفزني عليها معلمي في المرحلة الابتدائية حيث كان يخصص لي كراسة إنشائية أكتب عليها مواضيعي التي أقرأها على جميع الصفوف، وكانت تستهويني تلك القراءة وأشعر أنّ صوتي ولغتي تجلجل هاته الأجواء.

وتبقى القراءة الهادفة اجمل مؤثر ومحرك وملهم للكاتب، حيث تساهم في الإثراء اللغوي والكسب المعرفي لأي كاتب أو مبدع، فأكون كالفراشة أتذوق رحيق الزهور باختلاف ألوانها وعبقها، غير أنني كنت أحبذ كلّ فن جميل تستهويني لغته الراقية فكثيرا ما كان يستهويني الكتاب المشرقي وخيال الكاتب المشرقي وحسن اختياره للغة السليمة الراقية ، قرأت لجبران خليل جبران: الأجنحة المتكسرة، العواصف، الأرواح المتمردة، كما قرأت لجورجي زيدان: فتاة القيروان، أحمد بن طولون، فتح الأندلس، المملوك الشارد، وغيرها من الروايات والقصص القصيرة، قرأت لغادة السمان ونجيب محفوظ المصري: زقاق المدق، كان للأدب اللبناني خصوصا نشوة تذوق الفن الأصيل من خلال جماليات اللغة والأسلوب وكيفية طرح الفكرة، أما في ادب الأطفال فما زلت ليومنا هذا أستلهم شذاه عبر قصص وقصص رائعة ، أحيانا أوهم نفسي أنني أقتنيها لأطفالي ولكن في حقيقة الأمر كنت أقتنيها لطفلي القابع داخلي والذي لا يريد أن يكبر أبدا فما زالت تستهويه مغامرات السندباد والكرة السحرية وقصص ما قبل النوم وتلك القصص التي تهذب الفكر وتغني العقل، بالإضافة  إلى الاهتمام بالكتاب الفلسفي ونظرية الخلق والتجديد والبحث في أغوار الإنسان والإنسانية، وما تزال رحلتي قائمة والسفر ما يزال طويلا بين ثنايا هاته الكتب وما تحمله من جمال الأدب واللغة والأسلوب والفكرة وكيفية استيعابها  إعادة طرحها وطرح نقدها أو انتقادها من خلال ما أكتبه في القصة والرواية وأدب الأطفال.

وقد خضت عالم القصة القصيرة وصدرت لي مجموعة قصصية بعنوان لغة الحجر، كما خضت عالم الرواية وكتبت حلم على الضفاف وأنا الآن أخوض تجربة روائية أخرى قد تصدر قريبا، كما كتبت لطفلي القابع داخلي قصصا شعرت أنها تستهويه وتركت له المجال ليقول ما يريد عن كتاباتي وأن ينتقدني كما يشتهي من خلال تتبع أسلوبي ولغتي التي أريد من خلالها أن أنزل إليه وأنا أحدثه وأبحر داخل عينيه لأفهم ما يستهويه من طرب اللغة  وصوتها فأشعر أنني قد وصلت إلى عقله الكبير والذكي جدا. فالكتابة للطفل من أصعب الكتابات ومن أصعب المغامرات .

وأنا أشدّ رحال المغامرة مع هذا الطفل الكبير علي أجتنب ألغاما بالطريق ،  وعلي أن أجتنب تمويه هذا الطفل فيحيد عن اشياءه الجميلة وبذلك قد اخنقه وأحبس عقله فيكف عن الإبداع.

وأنا أكتب يحضرني طفلي الكبير أتودد إليه حتى يمنحني جواز سفره للقيام بهاته الرحلة فنلج هذا الخيال، أفكر كيف يمنحني براءته وذكاءه الخارق وحلمه وطيشه  فأتنازل عن عبقرية الكاتب المفكر وفلسفة الوجود لأعيش الفسحة مع هذا الطفل وأنا أحاول أن ألقنه هذا الوجود الجميل من خلال أحلامي فأجعله يصدق عالمي وأن في حكايتي رسالة صغيرة وحكمة كبيرة تستطيع أن تكون مساره في الحياة.

فكتابتي للطفل وولوج هذا الجنس الأدبي بالذات قبل أن يكون متعة فهو رسالة هادفة علي أن أعرف كيفية إرسالها.

 *كثير من الأقلام الأدبية يستهويها جنس أدبي دون الآخر فيخوض فيه، كالشعر مثلا لكن مؤخرا أصبح معظم الكتاب يستهويهم الجنس الروائي ، في رأيك هل الرواية مودة العصر أم هي نوع من المجازفة للشعور بمتعة الخوض في التجربة الأدبية  بجميع أجناسها؟ وهل أنت توافقين هذا التحول  أم أنك تقتصرين وتحبذين جنسا دون الآخر؟

**كثير من الكتاب يحلم ويتمنى أن يكتب ويخوض جميع الأجناس الأدبية، غير أنّ هناك من يحبذ ويستهويه الشعر دون الرواية، فقد يجد نفسه الكاتب الشاعر ولا يجد نفسه الكاتب الروائي. وهناك من يملك قدرات الكتابة للطفل لكن لا يملك مهارات الشاعر والعكس صحيح، غير أن من منظوري الخاص أن الكاتب الجيّد من يخوض جميع هاته الأجناس ويتحكم بلغتها وأسلوبها وخصائصها ،  أما الكتابة من أجل الكتابة وفقط فهذا نوع من الامتلاء قصد تحقيق الذات وفي الأخير لن يدوم ذلك طويلا . فالكتابة الأدبية وتنوع اجناسها ليست مودة بقدر ماهي قدرات ومهارات يمتلكها الكانب، فأحلام مستغانمي تقول حين نحب امرأة نكتب شعرا وحين نحب وطنا نكنب رواية، لكن أنا أقول أنّ الجنس الأدبي لا يقتصر على  المحكي عنه  فقط سواء كان شعرا أو رواية أو قصة بقدر ما هو استعداد  وميول فطري ينشأ عليه الكاتب فكاتب الرواية تجده يملك نفسا طويلا وخيالا خصبا وبذلك قد يكون بناءه عامرا بالأحداث والمفاجآت وقدرته في التحكم والتلاعب بمختلف الأزمنة والأماكن  دون الإساءة إلى البناء الفكري للرواية، كثيرا من الشعراء المتميزين شعرا انقادوا إلى فكرة أنّ الرواية مودة العصر  فخاضوا فيها وبذلك أساءوا إلى الرواية فانتهكوا خصائصها ولاذوا بالفرار وهم يسيؤون لها.

رغم حبي واستمتاعي وتذوقي للشعر وقافيته إلا أنني لم أخض فيه لأن توجهي العلمي وجهلي بخصائص هذا الجنس المقدس يجعلني أحترم بناءه القديم ويستهويني لكن لا ألوذ فيه، رغم أنني أحيانا أكتب شعرا حرا لكن لا أغامر في نشره أكتفي بالكتابة فقط ووضعه جانيا فلا أقول أنني أكتب شعرا، لعل قداسة القافية فيه وقداسة الشعر العمودي تجعلني ابتعد تماما في التفكير في أن أغامر لأكتب نصا شعريا.

ما يستهويني الكتابة القصصية  والروائية ، وكتابة هذا الجنس والتحكم فيه، وأنا أكتب هذا الجنس أشعر أنني كالسيل المتدفق أكتب دون ملل ودون توقف، اكتشفت أنني أملك رصيدا لا بأس به للخوض في الرواية  لما أملكه من نفس طويل وثري في سرد الأحداث والتحكم في البناء  من حيث اللغة والأسلوب وتعدد الشخصيات والأحداث ومجاراتها دون الخروج عن الفكرة.

 *القصة فضاء رحب يستدعي التطرق للشخصيات والفضاءات وكذا الأحداث والرؤى ، هل تجد كتابتك هذا النوع من الفضاء؟ وكيف؟

** فعلا على الكاتب أن يعتمد أسسا ومبادئا يقوم عليها أي سرد أو جنس أدبي، فالكاتب يبقى متطلعا لما يستجد على الساحة الابداعية والأدبية حتى يأخذ مأخذ  التميز دون أن يتجاهل تلك العناصر والقواعد التي يقوم عليها البناء القصصي، ويظهر ذلك من خلال القراءة ''النقد'' والذي نأسف لغيابه في الساحة الأدبية، فالناقد هو العين الفاحصة والمتأملة لأركان هذا البناء، وكثيرا ما يكون هذا البناء فوضويا يحتاج إلى هدم جذري حتى لا نسيء للأدب الجزائري، لكن ماذا عسانا أن نقول ما دامت لا توجد سلطة على الكتاب فالذي يريد أن ينشر كتابا ينشره دون رقيب.

على الكاتب وهو يكتب أن يهتم بتفاصيل كتاباته وأن يوليها عناية حتى يتمسك بتقنيات ذلك الفن والتي تظهر في تعدد الشخصيات وتتابع الأحداث دون إخلال في شكل البناء.

*أدب الطفل أدب حديث النشأة كتخصص معرفي في الإنسانية ، كيف جذبك هذا العالم الطفولي؟

** فعلا أدب  الطفل رغم قدمه ونشأته الفطرية والتي سبق وأن تحدثت عنها إلا أنه يعتبر حديث النشأة من حيث التخصص وذلك لأنه يعتمد على وسائل وأساليب لا بمكن للكاتب أن ينجح  في هذا الجنس دون التقيد بالجانب المعرفي فيما يخص الطفولة النفسية والفكرية ، فلكل مرحلة من مراحل هاته الطفولة تحتاج إلى وسائل وأساليب خاصة بها، فأساليب الكتابة للطفل ذو ست سنوات تختلف عن الكتابة للطفل ذو 12 سنة، كما أن أسلوب الكتابة للطفل في السن التحضيري يختلف عن أسلوب الكتابة للطفل الآخر، على الكاتب أن يكون ملما بالجانب النفسي للطفل وقدراته الإدراكية المعرفية حتى يتمكن من محادثته والوصول إلى عقله حسب مرحلته. وما يزال الكاتب يبحث ويبحث وينقب عن وسائل أخرى تمكنه من الكتابة للطفل وبلوغ عقله.

*مدوناتك المنجزة تعتمد على المخيال الطفولي، كيف تمكنت من هذا العنصر؟ وهل كان هناك توازن بين العاطفة والخيال والتربية؟

**لا يخلو جنس أدبي من الخيال، إذ يعتبر الملكة التي يبني عليها الكاتب تلك الشخصيات وتلك اللوحات الإبداعية وهو ينثر سرده ولا تخلو كتابة من بصمة تخص الكاتب سواء من حيث الأسلوب أو الصياغة أو من حيث الفكرة، فيظهر جليا ميول الكاتب واهتمامه، وكذلك بالنسبة للكتابة للأطفال، فيستحيل الكتابة للطفل دون ملكة الخيال، فلا إبداع دون هاته الملكة، أما عن فكرة التوازن بين الخيال والعاطفة والتربية تلك هي الحنكة في تقمص الأدوار داخل القصة للأطفال وجذبهم، فالأديب عليه أن يكون متمتعا برصيد ثقافي وأدبي وفكري ووازع ديني لا بأس به حتى يصاحب هذا الطفل من خلال ما يكتب وبذلك يكسب محبته ومحبة توجيهه بطريقة فنية مهذبة.

أما عن العاطفة فلا أظن أن الكاتب لحظة سرده يكون ذو مزاجية سالبة، بالعكس فينبغي أن يكون فرحا سعيدا وهو يكتب للطفل، على خلاف الكتابة للكبار، أحيانا نشعر أن الألم هو من يكتب مشاعرنا  وفيض احاسيسنا دخل الرواية أو القصة، ذلك الانفعال ينتج أدبا سواء سعرا و قصة، أما القصة للطفل فتقوم على الاستعداد النفسي للكاتب وميوله ورغبته للكتابة للطفل فيعد لها الوسائل اللازمة ويفكر كيف يصوغ فكرته ويجعلها من خلال معجم مصطلحات لكتابة للطفل في متناول قراءته وتاملاته فيها.. فالجانب النفسي للكاتب له دور في أدب الطفل. نكتب للطفل لأننا نريد مخاطبته  وتهذيبه بطريقة راقية. فالكتابة للطفل أسلوب تربوي هادف وفعال.. وهذا ما أكدته تلك القصص الدينية الهادفة وكتابات سليمان العيسى  وغير ذلك من الكتاب.

*وأنت تكتبين مدوناتك هل هناك وسائل تمكن الاطفال من المزج بين النص والصورة التعبيرية؟

**وأنا أكتب قصص الأطفال أحرص على أن لا تكون الكتابة سردا مطولا أحيانا أستعمل الحوار ورسم لوحات جميلة بامكان الطفل الانتقال من خلالها ليعيد رسمها في مخيلته وهو نوع لتنمية الخيال عند الطفل، كما أنني أستعمل أحيانا عنصر التشويق من خلال السؤال حتى أنرك مساحة للطفل يفكر فيها، وأحيانا أستعمل عنصر الإثارة حتى أحبب الطفل في الشخصية وأحيانا أجعله يتذمر منها. وهذا ما يظهر في قصة مغامرة الأشبال حين تتقدم الحيوانات لتظهر براعته وكفاءتها لحكم الغابة .. فمن خلال هاته القصة يبدو أن الصفة تلعب دورا هاما في تمكين الطفل من فهم المغزى والفكرة. وكذلك تظهر تلك الإثارة في قصة الكنز العجيب حيث أنني أحاول أن اعطي صورة تعبيرية لفكرة التعاون بين افراد الأسرة وصورة تعبيرية عن السعادة الأسرية ثم احاول أن اكسر نتائج ذاك التعاون  فتظهر الصورة مثيرة  قد يشمئز منها الطفل فتنعكس على نفسيته لكن سرعان ما أتداركها بالأمل الذي لا ينقطع حتى أصل بقارئي الصغير إلى فكرة هادفة، وهي أن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا. وأن بين الألم والألم هنالك أمل أكيد.

*مجال الكتابة والإبداع للطفل يستلزم وسائل وتقنيات تختلف عن تلك الموجودة في القصة. هل لنا أن نعرف هذه العناصر المميزة؟ وهل هناك لغة تربوية اعتمدت بها في توجيه الطفل؟

**ربما هذا السؤال لا يختلف كثيرا عن سابقه لكن أحاول أن أختصر تلك الوسائل والتقنيات التي استعملتها في كتاباتي في نقاط مختصرة:

1-       أن يتحلى الكاتب بالاستعداد اللغوي والفكري والنفسي حتى يمكنه مخطابة ذاك الرجل الصغير والطفل الكبير.

2-                       أن يستعمل أصواتا تتناسب وقدرات الطفل حسب المراحل التربوية والنفسية

3-                       أن تكون اللغة لغة سليمة وراقية حتى نحبب اطفالنا في لغتنا العربية.

4-       أن تكون القصة خيالية أبطالها مغامرون .. فالطفل يحبب قصص المغامرات وكثيرا ما نجده يميل إلى قصص على ألسنة الحيوانات ومغامراتها. وأحيانا يحبذ مغامرات الفرسان الشجعان والذين يدافعون عن الخير وينشرون السلام..

5-                       ـأن تكون القصة هادفة وتربوية ودينية..

6-                       أن تكون المصطلحات المستعملة في متناول معجم أدب الطفل.

7-                       أن تكون القصة مشوقة ومثيرة من خلال الربط  والمزج بين الصورة التعبيرية والنص

8-                       أن لا تكون مخالفة لآدابنا وأخلاقنا وعاداتنا حتى نحافظ على قيمنا ومبادئنا

9-                       أن يكون الأسلوب في متناول الطفل ومراحله العمرية

10-                  أن بكون الجمل بسيطة ليست جملا مركبة ولا طويلة.

11-                  استعمال أسلوب الحوار احيانا حتى لا يمل القارئ الصغير

12-                  احيانا الحركات ان كانت القصة موجهة لفئة عمرية تحتاج للصوت والحركة

*لبناء قصة ينبغي رصد الهدف المنشود. هل بمكن أن تحددي لنا هدفك من وراء هاته القصص؟

**فعلا ، ما دمت اخترت هذا النوع من الكتابة فهذا بعني أنني أريد أن اسجل هدفا تربويا وأخلاقيا بالدرجة الأولى من خلال ما يكتشفه قارئ الصغير في نهاية كل قصة، كما أنني احاول قدر الإمكان أن أرسم عالما جميلا يرحل إليه قارئي حتى ينعم بالتذوق الفني والجمالي من خلال تلك اللوحات المتتابعة في القصة. كما احاول أن أنمي خيال الطفل وذكائه من خلال ما استعمله أحيانا من أساليب الإثارة والسؤال دون أن أهمل الجواب.

غير أنني في قصة  عروس البحر قد ينتقدني القارئ من خلال دراسته للتقنيات المستعملة هناك، أو من خلال الفكرة المراد بها في الاخير، فعروس البحر اولى مغامراتي الكتابية ، حينها لم تنشأ بعد تلك الكتابة المعرفية بأدب الأطفال كان همي الوحيد أنني أكتب فنا، خيالا، أسطورة خالدة كانت بذاكرة طفلي القابع داخلي، قد يكون ذلك نتيجة كبت طفولي استنزفته مجرد ما اوتيت فرصة الكتابة حتى احكي عن أبطال كنت أحلم أن أقرأ عنهم. وهاته القصة تحمل نوعا من المشاكسة القصصية وكأن الطفل يحكي معاناته للكبير، وكأن الطفل يكتب مغامراته ليقرأها القارئ الكبير. وأظن أن اولى الكتابات التي يخوض فيها الكاتب هي ترجمة نفسية عن طفولته..

*باعتبارك صاحبة القصص ومن خلال كتاباتك لها. هل تعتقدين أنك استعملت  لغة سليمة بحيث أنها لا تضر بالطفل ولا تخل باللغة عنده؟ وهل التزمت مفردات تمكنه من الاستيعاب والفهم عند قراءة تلك القصص؟

**أعتقد أنني استعملت الأسلوب البسيط الغير معقد، ولغة متداولة لا تحتاج إلى معجم خاص بها، إلا في قصة عروس البحر تعمدت ذلك ووضعت شروحات للطفل، لكن أظن انها فكرة سلبية ومتعبة للطفل، وحاولت بقدر الإمكان الوصول إليه عن طريق لغة الحوار والتشويق. تكويني العلمي قد يحيدني مراجعة تلك القصص لذا استعين بأشخاص متفوقين وذوي كفاءة لقراءة قصصي مرة واثنين وثلاثة.

*المستوى الصوتي الفونولوجي مهم في أي عمل أدبي باختلاف أشكاله من بينها القصص ودراسته من حيث مخارجه وصفاته وأصواته. فهل حافظت على هذا المستوى أم خالفته؟ وهل كان مأمون في قصتك أم لا؟

**إن هاته القصص التي قمتن بدراستها تخاطب مرحلتين عمريتين  من عمر الأطفال، ليست بالمرحلة الأولى ولكن ابتداء من المرحلة الثانية أقصد تخاطب أطفال منذ الطور الثاني حيث يبدو ذلك من خلال اللغة المستعملة وهي لغة تناسب هاته الشريحة من العمر،   فهي تناسب أطفالا بين عمر 6- 12 سنة، أحيانا أستعمل مصطلحات تبدو صعبة قليلا ولكن أنا أتعمد ذلك، قصد التعرف على هاته المصطلحات، وأحيانا أستعمل الشرح، لكن هاته الفكرة سرعان ما تداركتها لأنها فكرة مملة قد تمنع الطفل من القراءة، فيظهر مستوى الصوت الفونولوجي من خلال ما استعملته من وسائل لغوية تبرزا لقوة والضعف واحيانا الشجاعة، ففي مغامرة الأشبال كان المستوى الفونولوجي ظاهرا من خلال استعمالي لمصطلحات تناسب الشخوص، قصد رسم وصول الصورة وفهم المعنى والفكرة، وكذلك بالنسبة لقصة الكنز العجيب فهي تخاطب شريحة متوسطة من العمر ويظهر المستوى الفونولوجي مواتيا لهذا السن، حيث استعملت لغة تناسب شخصية البطل وهو العم سلمان، فاستعمالي لكلمة عم فيها نوع من الشفقة ودلالة على التعب والمشقة، أفكار متسلسلة وصور معبرة  حتى يشعر الطفل وهو يقرأ الجانب النفسي للعم سلمان فيشعر بالشفقة تجاهه، كما استعملت بعض المعارف حتى يتعلم الطفل كيف تنمو السنبلة، وكيف تكبر .

*وأنت تكتبين هل وظفت جميع الأصوات العربية؟ وهل الطفل له القدرة على التفاعل مع جميع الأصوات العربية؟

**قد تختلف فكرة الصوت هنا، فإن كان القصد بالصوت استعمالي للحروف العربية ، فيبدو أنني استعملت حروفا تناسب هاته الفئة وتناسب مخارجها الصوتية لم تكن صعبة جدا.

أما إن كان المقصود بالصوت ذلك المحكي عنه فأظن أنني وظفت الصوت المتكلم والمخاطب والغائب، وذلك من خلال الأسلوب المتعمد ففي الأسلوب الحواري استعمل صوت المخاطب، لرسم اللوحة استعمل لغائب، حتى تكتمل الصورة لدى الطفل، وكذلك بالنسبة للمتكلم يظهر في الحوار قصد الوصف، فيكون الصوت الفونولوجي ظاهرا بقوة حتى يستطيع الطفل التمييز بين الشخصية القوية والضعيفة، العنيفة والطيبة، وغير ذلك من المصطلحات الفونولوجية والصوت المتحرك حسب الشخصية.

*من خلال الاعتماد على استعمال متنوع للغة يجب أن نراعي القواعد النحوية والصرفية، فهل اعتمدت في كتابة القصص على قواعد نحوية معينة، واشتملت على ميزان صرفي بحيث يكون هناك توازن بين الصيغ؟

**فعلا وأنا أكتب قصصي استعملت قواعدا صرفية تلائم وتناسب المرحلة المخاطبة، فالجمل المستعملة تبدو طويلة قليلا وهذا عيبي على ما اعتقد، وقد تداركته في مخطوطاتي ومسوداتي التي لم تطبع بعد، فالكاتب يتدارك أخطاءه عندما تقرأ قصصه فيحاول قدر الإمكان أن يتجاوز ويتدارك الخطأ ويصححه، لكن أعتقد أن الجمل تبدو بسيطة وفي متناول المرحلة، رغم طولها.. فعلا على الكاتب أن يعتمد ميزانا صرفيا حسب المحكي عنه حاى لا يخل بمستويات هذا الصوت. وقد يظهر ذلك من خلال قراءة القصص.

*الطفل وهو يقرأ قصة أو كتابا يتوق لمعرفة الحياة بيشبع رغبته وحب الاستكشاف على الرغم نم أن عالمه مليء بالمصاعب، فهل هناك إشباع لحاجته النفسية والخيالية؟ وكيف نلمسه من خلال قصصك؟

**فعلا، عالم الطفولة يشبه عالم الأحلام الجميلة، ويشبه لون السماء الربيعية في صفاءها وبريقها، ويشبه عالم الفراشات الحالمة بعبق الزهور، وبقدر هذا الصفاء الطفل يحب الانطلاق ويحب أن بكون هذا الكوكب الكبير بين يديه ليكتشف أسراره، فتستهويه المعارف حتى يشبع حاجته، وهذا ما كان في قصصي وقد حاولت التعريف بما يحيطه ، فكل قصة تحمل معارف استكشافية، من خلال توظيفي للمكان، للشخوص، وما يحيط هاته الشخوص.

فعلا أن الحياة مليئة  بالمصاعب ولهذا علينا أن نخلق القارئ الصغير ونشجعه على القراءة فنختار له كل ما يؤهله لأن يكون رجل الغد فيعد عدته له.

*هل كانت هنالك رسائل ودلالات موجهة لفئة معينة من الأطفال؟

**فعلا وأنا أكتب قصصي أحاول أن أبعث رسائل تربوية للطفل، ففي مغامرة الأشبال قد يلاحظ القارئ تنوع كبير للرسائل ويمكن أن تقسم تلك القصة إلى قصص أخرى، حيث يمكن الفصل بين أجزائها وقد عمدت إلى ذلك من خلال وضع عناوين كبيرة بين قصة وأخرى، ففي هاته القصة نتشف روح المغامرة، روح الشجاعة وكيف تكون، الإيثار، الأمانة، طاعة الوالدين، التعاون، وغير ذلك..

في قصة الكنز العجيب، يظهر التعاون، الجد، والكد، النجاح.. بعد الجد، فلا يمكن أن يكون هنالك تعبا واجتهادا دون محصولا جيدا، تفاؤل بالخير، محبة أسرية ويظهر ذلك من خلال التعاون بين أفراد الأسرة.

أما عروس البحر والتي هي بداية طريقي ومشاوري الأدبي في هذا الجنس، يظهر أن هنالك تبادل أدوار وأن المحكي عنه يخاطب مجتمعا، يخاطب أسرة، فيها نوعا من المغامرة والحزن الذي قد نجده في عيون كثير من الأطفال بسبب أخطاء الكبار فيحدون عالمهم ويسرقون أحلامهم لأنهم لم يفهموا الطفولة، حكاية بقدر ماهي مؤثرة بقدر ما تحمله من ألم هاته الشريحة.  فهي رسالة للوالدين ورسالة للمجتمع ورسالة للطفل وهو القادم ليستقبل هذا الغد.

الفئة العمرية المخاطبة هي فئة في الكور الابتدائي، والمتوسط، لما تحمله من قيم تدرس بالمدرسة والمتوسطة، ليس بها غموض ولا تكلف.. فهي واضحة للمتلقي.

*في رأيك هل يفهم قارئك الصغير المغزى من القصص وهل يعتبر منها الحكمة، فقصصك الثلاث كل واحدة كانت تهدف إلى حكمة؟

**أذكر أنني كنت بالمرحلة الابتدائية وكانت تستهويني المطالعة، كان الكتاب حينها كتابا مهذبا في متناول الطفل، أيامها كان القائم على وزارة التربية الوطنية زهور ونيسي وهي كاتبة معروفة على المستوى الوطني والعربي، حتى اختيار النص كان هادفا، ممتعا، لغة سليمة وقصة مشوقة، قرأت الكرة السحرية  في عمر 8 سنوات أو 9  سنوات فعلا كانت مليئة بالمغامرة، وأن وراء الكرة السحرية عالما جميلا ـ فالطفل قد لا يفهم الحكمة حينها لكنها تترسخ بذهنه، كل ما يستطيع فهمه حينها أنّ هناك خير وشر، وأنّ البقاء والسعادة والانتصار دائما للخير وصاحبه..


 

 

 

 

 

 


  1. كم افرح عندما اجد واحدة من بلدي بهذه المواصفات وبهذا الابداع ...يكبر الأمل لما اجد امرأة جزائرية قد برزت في مجال ما فهنئا لنا بك وهنيئا للجزائر بأديبة جزائرية وخاصة انها تكتب للصغار ..مزيدا من التألق عزيزتي حسبة واتمنى لك التوفيق ..تحياتي لك / لجين عز الدين

  2. ذهلت و تمتعت

  3. شكرا على التشجيع . هذا فخر لي اعتز بمن يقرا لي ويحفزني للاستمرار والابداع اكثر

  4. شكرا

Organic Themes