أصل العمل الفني وحذاء فن خوخ
مارتن هيدجر فيلسوف ألماني , يعد من أهم فلاسفة القرن العشرين لم تحظ مؤلفاته بترجمات إلى العربية لهذا السبب تأخرت معرفته نسبيا لدى القارئ العربي , من أشهر مؤلفاته بعد الوجود والزمن  كتابه أصل العمل الفني فهو عبارة عن مجموعة من المحاضرات التي ألقاها مارتن هيدجر في مدينتي فرايبوراغ وتسورس في العامين 1935 و 1936 , يعد هذا المؤلف الأول الذي يصدر بالجزائر والوطن العربي باللغة العربية لفيلسوف ألماني وعالمي , نقله عن الألمانية الأستاذ والدكتور أبو العيد دودو ترجمة خص بها منشورات الاختلاف ضمن سلسلة " اللغة الأخرى "
حذاء فينسنت فان غوخ من مجرد حذاء للارتداء أو للرسام إلى موضوعا فلسفيا لتعريف العمل الفني , حقيقته وجمالياته !
للكلام على نوع الحقيقة التي يحتضنها العمل الفني انطلق مارتن هيدجر من توضيح بعض المفاهيم المتعلقة بالشيء والأداة والمادة والشكل . ومن الطريف، وهو يتناول هذه المفاهيم، أن يتأمل في لوحة فان خوخ الشهيرة " الحذاء"؛ ذلك أنه يرمي إلى تقديم رؤيته إلى كيفية حضور الأشياء في الأعمال الفنية، وتاليًا إلى تحديد مفهومه لـ"شيئية" الأشياء. في سبيله هذا، يضع "الأداة" في منزلةٍ وَسَطٍ بين الشيء "المجرد" والعمل الفني. وفي نظره أن العمل الفني الذي يكتفي بوجوده الذاتي يشبه الشيء المجرد النابع من ذاته.
يقول هيدغر إننا إذا تأمّلنا اللوحة التي رسم فيها الفنان فان خوخ خفّي حذاء، فإنه لا يسعنا بالطبع انتعالهما. إلاّ أن اللوحة تبيّن لنا خفّي حذاء عائدين لأحد الفلاحين أو لإحدى الفلاحات، كما تبيّن علاقة هذين الخفّين بشغل الأرض، وهو الشغل الذي استنفدهما واستهلكهما بالقدر الذي شوّههما. يقول هيدغر في معرض قراءته لوحة "خفّي حذاء فلاح" للفنان الهولندي:
"في قرارة تجويف الحذاء المعتمة، رُسم عناء خطوات الكد. وفي وطأة الخفّ الصلبة القاسية، ترسّخت الدعسة المتثاقلة العنيدة عبر حقول وعلى امتداد أثلام دائمة التشابه انبسطت بعيداً عن مهبّ ريح الشمال. وقد تركت الأرض المكسوّة عشباً والمشبعة رطوبة آثارها على جلد الخفّين. ومن تحت النعال، تمتدّ عزلة درب الريف التي تتوارى في عتمة العشيّة. ومن خلال هذه الأحذية، يعبر نداء الأرض الصامت، وعطاؤها الدفين للحبّة اليانعة، ورفضها الخبيء لذاتها في البوار المجدب العائد للحقل الشتوي. ومن خلال هذه الأداة، تعاود الفلاحة خشية صامتة، خشية أن تخفق في تأمين الرغيف، ويعبرالفرح المكتوم بالتمكّن مجدداً من البقاء والاستمرار في سدّ الحاجة. كما يعاود الفلاحة، من خلال هذه الأداة، قلق من ولادة تداهم وارتعاش من موت يتوعّد
. تنتمي هذه الأداة إلى "الأرض" ، وتقوم في حمى "عالم" الفلاحة، وداخل هذا الانتماء المحمي، ترقد الأداة في ذاتها".
حذاء فينسنت فان غوخ من مجرد حذاء للارتداء أو للرسام إلى موضوعا فلسفيا لتعريف العمل الفني , حقيقته وجمالياته !
للكلام على نوع الحقيقة التي يحتضنها العمل الفني انطلق مارتن هيدجر من توضيح بعض المفاهيم المتعلقة بالشيء والأداة والمادة والشكل . ومن الطريف، وهو يتناول هذه المفاهيم، أن يتأمل في لوحة فان خوخ الشهيرة " الحذاء"؛ ذلك أنه يرمي إلى تقديم رؤيته إلى كيفية حضور الأشياء في الأعمال الفنية، وتاليًا إلى تحديد مفهومه لـ"شيئية" الأشياء. في سبيله هذا، يضع "الأداة" في منزلةٍ وَسَطٍ بين الشيء "المجرد" والعمل الفني. وفي نظره أن العمل الفني الذي يكتفي بوجوده الذاتي يشبه الشيء المجرد النابع من ذاته.
يقول هيدغر إننا إذا تأمّلنا اللوحة التي رسم فيها الفنان فان خوخ خفّي حذاء، فإنه لا يسعنا بالطبع انتعالهما. إلاّ أن اللوحة تبيّن لنا خفّي حذاء عائدين لأحد الفلاحين أو لإحدى الفلاحات، كما تبيّن علاقة هذين الخفّين بشغل الأرض، وهو الشغل الذي استنفدهما واستهلكهما بالقدر الذي شوّههما. يقول هيدغر في معرض قراءته لوحة "خفّي حذاء فلاح" للفنان الهولندي:
"في قرارة تجويف الحذاء المعتمة، رُسم عناء خطوات الكد. وفي وطأة الخفّ الصلبة القاسية، ترسّخت الدعسة المتثاقلة العنيدة عبر حقول وعلى امتداد أثلام دائمة التشابه انبسطت بعيداً عن مهبّ ريح الشمال. وقد تركت الأرض المكسوّة عشباً والمشبعة رطوبة آثارها على جلد الخفّين. ومن تحت النعال، تمتدّ عزلة درب الريف التي تتوارى في عتمة العشيّة. ومن خلال هذه الأحذية، يعبر نداء الأرض الصامت، وعطاؤها الدفين للحبّة اليانعة، ورفضها الخبيء لذاتها في البوار المجدب العائد للحقل الشتوي. ومن خلال هذه الأداة، تعاود الفلاحة خشية صامتة، خشية أن تخفق في تأمين الرغيف، ويعبرالفرح المكتوم بالتمكّن مجدداً من البقاء والاستمرار في سدّ الحاجة. كما يعاود الفلاحة، من خلال هذه الأداة، قلق من ولادة تداهم وارتعاش من موت يتوعّد
. تنتمي هذه الأداة إلى "الأرض" ، وتقوم في حمى "عالم" الفلاحة، وداخل هذا الانتماء المحمي، ترقد الأداة في ذاتها".
 
 



 
