سيميائية العنوان في رواية الصدمة للكاتب ياسمنة خضرا بقلم الأستاذة رفيقة سماحي
 سيميائية العنوان في رواية l’attentat ( الصدمة) للكاتب « ياسمينة خضرا»
سيميائية العنوان في رواية l’attentat ( الصدمة) للكاتب « ياسمينة خضرا» بقلم: أ. رفيقة سماحي
التعريف بالكاتب:
ياسمينة خضرا Yasmina Khadra : هو الاسم المستعار للكاتب الجزائري محمد مولسهول، ولد بتاريخ 10 يناير 1955 بالقنادسة ولاية بشار الجزائرية، كان والده ممرضاً ووالدته بدوية، وفي عمر التاسعة التحق بمدرسة أشبال الثورة أي عام 1964 وفق رغبة والده يقول في مؤلفه " l’écrivain ":«...قادني إلى مدرسة الأشبال، وهي مدرسة مرموقة أين نتحصل على التعليم الأفضل و التكوين الأفضل، أين يجعلون مني ضابطا في المستقبل، قائد فرقة عظيم، ولم لا، أمير حرب و بطل ...»
« Il m’emmenait à l’école des cadets, un collège prestigieux où l’on dispensait la meilleure éducation et la meilleure formation, où l’on allait faire de moi un futur officier, un grand meneur de troupes et, pourquoi pas, un seigneur de guerre et un héros ..... »1
وقع أعماله في البداية باسمه الحقيقي ثم استعار اسم زوجته ليتحرر من الرقابة العسكرية على أعماله الأدبية، التي قالت له «أعطيتني اسمك للحياة و أنا أعطيك اسمي للشهرة»2، أعلن عن هويته الحقيقية بعد خروجه من الجيش الجزائري برتبة ضابط في كتابه « l’écrivain» عام 2001 ، يشغل حاليا منصب رئيس المركز الثقافي الجزائري بباريس.
كان شغوفا بالكتابة وعندما سئل عن الكتابة باللغة الفرنسية أجاب بأنه لم يختر، فكل همه كان أن يكتب وفقط بالروسية، بالصينية، بالعربية، وأنه كتب في البداية شعرا باللغة العربية غير أن معلمه شتمه ووبخه في حين تلقى التشجيع من معلم اللغة الفرنسية على الرغم من ضعفه في هذه اللغة آنذاك.
"Je n'ai pas choisi. Je voulais écrire. En russe, en chinois, en arabe. Mais écrire! Au départ, j'écrivais en arabe. Mon prof d'arabe m'a bafoué, alors que mon prof de français m'a encouragé."3
وتبلغ شهرته حد العالمية حيث تترجم وتباع رواياته في 25 بلد حول العالم، ومن بين رواياته رواية الصدمة فما مضمونها؟
ملخص رواية l’attentat ( الصدمة):
نشرت رواية "الصدمة" للروائي الجزائري "ياسمينة خضرا" عام 2005 ويبلغ عدد صفحاتها 245 صفحة عن دار جوليار وقد ترجمت الرواية باللغة العربية بعد عامين من صدورها أي عام 2007 من قِبَل المترجمة "نهلة بيضون" عن منشورات سيديا وبلغ عدد صفحات الرواية المترجمة 264 صفحة، وهي من الحجم المتوسط.
تبدأ الرواية من نهايتها حيث يصور لنا الروائي مشهدا دمويا فظيعا نستكشف تفاصيله في النهاية.
تحكي هذه الرواية يوميات الدكتور "أمين الجعفري" الجراح إسرائيلي الجنسية فلسطيني الأصل، وكيف أنه تقاسم لسنوات طويلة حياته مع شخصية يجهل عنها الأهم وهي زوجته "سهام" التي فجرت نفسها في وسط عشرات الزبائن في أحد مطاعم تل أبيب، وفي الليلة التي تلي المجزرة يستدعي الطبيب بصورة طارئة يتعرف إلى الجثة الممزقة للمرأة الانتحارية ، تتداعى الأرض تحت قدميه إذ يكتشف أنها زوجته، وقبل أن يستوعب الأمر يفاجأ بأنها متهمة بتنفيذ العملية التفجيرية.غير أنه يرفض رفضا قاطعا هذا الاتهام في حق زوجته.
يحتجز أمين للتحقيق معه ليطلق صراحه بعد ثلاثة أيام لعدم تورطه في العملية، يتعرض للمضايقات و الاعتداء من الإسرائيليين فيضطر لمغادرة منزله بمساعدة الطبيبة "كيم" التي تستضيفه في منزلها، بعد عودته إلى منزله يجد رسالة من زوجته "سهام" تقول فيها: "ما نفع السعادة إذا لم يتقاسمها المرء يا حبيبي أمين؟ كانت أفراحي تخمد كلما كانت أفراحك لا تجاريها. كنت تريد أطفــــالا. كـنت أريــد أن أســتحقهم. مــا من طفل بمــأمن تماما بدون وطن ...لا تنقم علي".
سهام4 فيقطع الشك لديه باليقين بأنها هي منفذة العملية و لا يستوعب ما قامت به زوجته التي كانت تعيش معه ولا يعرف عنها الأهم، ثم ينتقل من "بيت لحم" إلى "جينين" باحثا عن جواب لسبب انتحار زوجته، إلا أنه لا يتوصل إلى جواب يشفي غليله يقول :«أظن أنني بلغت وجهتي.كان المسار رهيبا، إنما لا يتراءى لي أنني حققت شيئا ما، أو توصلت إلى جواب خلاصي...فالحقيقة الوحيدة التي تكتسب قيمة عندي هي تلك التي ستساعدني يوما على تسلم زمام أموري مجددا، واسترجاع مرضاي، لأن المعركة الوحيدة التي أؤمن بها، و التي تستحق حقا أن ننزف من أجلها، هي معركة الجراح الذي أكون، والتي تقوم على إعادة إبداع الحياة حيث اختار الموت أن يتدخل.»5. تنتهي الرواية بالمشهد الدموي الذي بدأت به، إذ يتعلق الأمر بانتقام إسرائيلي وإقدامه على عمليات تفجيرية مستهدفة الشيخ "مروان" الذي كان يبارك المقبلين على العمليات الاستشهادية، وكان "أمين الجعفري" من ضحاياها.
سيميائبة العنوان: للعنوان مكانة كبيرة وأهمية عظيمة في نفس المتلقي من جهة، ويطبع النص السردي بطابع خاص بحسب قصدية الكاتب من جهة أخرى ولذا قال عنه شوقي بزيغ : "إنني أعلم تمام العلم ما للعنوان من أثر عميق في نفس القارئ "6؛ والعنوان بمثابة المفتاح الذي عن طريقه يمكن أن نلج النص الإبداعي وفي هذا الصدد يقول محمد تحريشي" يعد العنوان من المفاتيح المهمة لقراءة النص الأدبي وفك استغلاقه بل إنه من الأسس المؤثرة في إحداث المتعة والجمال واللذة ، لذة القراءة والاستمتاع بها"7 ، من هنا يتضح لنا جليا ما مدى أهمية العنوان بالنسبة للعمل الأدبي إذ يعد مفتاحا للرواية ودليلا لما فيها ، وإن عنوان "الصدمة" يحتل موقعا استراتيجيا في النص حيث تتضح فيه مواقف المؤلف وأحداث عمله الروائي ، وقد جاء هذا المركب الاسمي معرفا بالألف واللام وكأن هذه الصدمة منفردة واحدة تتشظى تحتها دلالات عديدة: الانفجار، الخسائر، أشلاء، الدم، الموت، الخراب.. وجميعها توحي بفوضى المكان والعنف، كما أن مدلول "الصدمة" يحيلنا إلى بطل الرواية الطبيب "أمين الجعفري" وكيف أنه صدم لما اكتشف أن زوجته هي من نفذت العملية الانتحارية في تل أبيب، فيعيش "صراعا"، يفصّله الكاتب بتأن في موضوعه، وقد ترجمت الرواية كذلك بعنوان "الاعتداء" حيث جاء هذا العنوان بطابعه الحيادي ليفتح للقارئ التأويلات وليفصح الروائي من البداية أنه لا يريد الدخول في جدل الموقف السياسي والايديولوجي يقول:"عندما كتبت "الصدمة" حاولت أن أذهب أبعد من الأزمة، وأبعد من الشر نفسه، فأنا أعتقد أنه ليس من وظيفة الكاتب أن يكون حكما أو قاضيا يحاسب على الأخطاء والنقائص. بل من الواجب عليه أن يكون مقياسا للزلازل التي يتسبب فيها الانسان..."8
فالعنوان تتجاذبه الثنائيات المتعارضة والتساؤلات العديدة التي لم يجد لها البطل جوابا: هل ما قامت به زوجته يصنف ضمن العمليات الاستشهادية أم الانتحارية؟ هل هو إرهاب؟ أم دفاع عن النفس والوطن؟ هل نجيب عن الشر بالشر؟ وهل الاعتداء على الأطفال من الأبرياء شهادة؟ وما الفاصل بين الشهادة والانتحار؟
إن رواية "الصدمة" بدء بالعنوان أثارت صخبا سياسيا ومنهم من اعتقد أن الروائي حليف الصهاينة يجيبهم صاحب الرواية فيقول: ''لقد دافعت عن القضية الفلسطينية بذكاء. ولا أعتقد أنه لا يوجد كتاب عبر العالم دافع عن الفلسطينيين، مثلما دافع عنهم هذا الكتاب. وكل الذين استنكروا الرواية فعلوا ذلك عن جهل، فهم لم يقرؤوا سطرا منها، للأسف الشديد لقد وقفت إلى جانب الفلسطينيين. أما الذين قالوا إنني قدمت الشخصية الفلسطينية في صورة سلبية، فهؤلاء نظروا إليها عبر نظرة الشخصية الإسرائيلية، ولم يفهموا أنها ليست نظرة الكاتب اخترت زوجا فلسطينيا يعيش في تل أبيب، وحقق اندماجه، لكن رغم ذلك، يقرّر تحطيم الأسطورة الصهيونية عبر التفجير الذي تقوم به سهام"9
استطاع ياسمينة خضرا في "الصدمة" أن يخلق من العنوان واجهة مثيرة للجدل حتى قبل القراءة.
الهوامش:
1.
l’écrivain.une enfance algérienne .yasmina khadra.pocket.paris.2012.p13.
2. http://www.alarabiya.net/ar/programs/rawafed
3. http://www.yasmina-khadra.com
4. الصدمة.ياسمينة خضرا.ترجمة نهلة بيضون.سيديا.2007.ص.85.
5. .م.ن.ص.269.
6. شوقي بزيغ "محنة العناوين" مجلة العربي العدد 565 ديسمبر 2005 ص:226.
7. محمد تحريشي، في الرواية والقصة والمسرح- قراءة في المكونات الفنية والجمالية السردية – الجزائر عاصمة الثقافة العربية 2007 ص(138_139).
8 الموقع الرسمي للكاتب.http://www.yasmina-khadra.com
9. . http://www.elkhabar.com 17-04-2012.
 
 



 
