/

مقالات نقدية

أنتولوجيا الابداع

هوامش الإبداع

ما هكذا تورد يا سعد الإبل بقلم القاص والناقد إسماعيل دراجي

ما هكذا تورد يا سعد الإبل
نقد أم حقد؟؟؟
أسماء كبرت و انتفخت في غفلة من أهل الاختصاص ولاشيء أخف من جسم منفوخ لأنه لاشيء بداخله إلا ريح وريح .
تعلمنا أن الناقد قارئ جيد وانه على تعبير بودلير كما يصفه ( بالقارئ المراوغ هو شبيه الشاعر ـ أو الكاتب ـ وأخوه وهو  شريكه في تجديد النص) بمعنى أنه يبعثه من الركود ويلقي فيه حركية ودينامية من جديد كلما فتر نبضه أما هؤلاء  فهم أشبه إلى حد ما بمن يجمع حجارة ويرصف بعضها فوق بعض متوهما أنه بناء حذق لكن سرعان ما تعبث به نسيمات خفيفة ليصبح بددا وما هو إلا كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء،و توهم العطشان له ماء لا يضفي عليه تلك السمة، كذلك المبتدئون حين ينبهرون بكذا ناقد أو من منح نفسه اللقب  لا يعني بالضرورة أنه كذلك .
إن النقد الحق أو الدراسة الهادفة هي التي تبعث في النص روحا أخراة، ولكن أن نقتله ونتنابز بأخطاء ومواطن ضعف يمر عليها الكريم وكأنها لا شيء لأنها ليست محطته المعنية هذا لعمري يدل على حاجة  في نفس كل يعقوب.
إن أجسامنا المنفوخة الأنفة لذكر خلطت طويلا ـ ولا تزال كذلك ـ بين مهمة الناقد وكونه ناصا أخر متمرسا يتعمق في كنه النص يستنطقه و يعتصره ليخرج منه مولودا  جديدا. لكن يبدو أن فكرة موت المؤلف التي تننيناها ظلما وقلة إدراك أباحت لهؤلاء قتل النص بعد دفن صاحبه .
كم كنت أمقت أصواتا تنادي بفكرة ترشيد النقد والإبداع عموما وحسبتها ضربا من القيد والهيمنة  والمرجعية البغيضة لكنني اليوم  أجدني أكثر قناعة بذلك إذ ينبغي أن يكون المبدع لقبا والناقد لقبا لا يحصله إلا من تعمق ونجح وبرز في المضمار ويكون اللقب هذا رخصة عبور شرعية لممارسة هذا العمل الشاق المحرق في  صمت .
انه بهذا العمل النقدي الحاقد على شخص المبدع وجرجرة النص وتقويله ما ليس منه والإدانة المرغمة على نحو قصة الذئب والحمل والماء أقول: إنهم والنص يكونون أقل إدراكا لعملية النقد من أولئك الذي  كانوا يحكمون على الشاعر من بيت واحد أو أبيات ويبخسونه كلما أنتج في ذلك البيت ولو كان أجود ماجات به قريحته فقد يكونون أكثر تحضرا ممن أعنيهم .
إنه لسهل جدا أن نلوك بعضا من المصطلحات الحديثة في النقد ونؤلف منها كلاما كثرت أخطاؤه نحوا ورسما  لينبهر به كثير من قليلي المعرفة لبريقه ونسميه ظلما نقدا، ومادروا أنهم (خدعوها بقولهم حسناء ) ثم هؤلاء لايمارسون سطوتهم ولا سلطتهم ـ غالبا ـ الا على أعمال في بدياتها ليذكروني بمثل شعبي كانت أمي تردده دوما( تعلموا الحسانة في روس اليتامى) والحسانة هي الحلاقة /روس بمعنى الرؤوس.
وألتفت إلى هؤلاء ممن أعنيهم وأسائلهم :متى كانت العربية الوازنة بألفاظها الرنانة القوية الجزلة رمزا للرتابة والخشبية القديمة؟ومتى كان الوصف الجميل والوقوف عند تفاصيله ودقائقه بمقدار رسم الصورة والتفنن في تنميقها وتزيينها وزركشتها واستنطاقها شاهدة على الجمال الأخاذ أقول متى كان هذا كله محطات مملة  في العمل الإبداعي؟ ومتى كان السرد النامي في تطور سلس يأخذ بالألباب ويسحر لعقول والمتأمل لغاية  هنالك سامقة نسيجا مهلهلا باليا؟ومتى كانت الحبكة والعقدة والأفواه فاغرة والعيون تحملق  تنتظر مجيء الانفراج  وتتطلع إلى لحظة تنوير يصوغها السارد في أناة العارف والمتمكن منها متى كانت تحصيل حاصل  ومحطة لم تعد صالحة وتجاوزتها العتمية الحديثة ؟ إلا عند هؤلاء.
وفي الوقت ذاته  أسائلهم متى أصبحت الألغاز والأحجية والطلاسم إبداعا رائقا  لائقا أم أنهم يريدون تفكيك كل ما يربطنا بماض أشرق نتاجه الأدبي الثر طويلا ولازلنا نغرف منه وما نفد هذا الموروث الضخم.
إن كل ناقد ولا أعني كل حاقد يمارس النقد لا من يخرج الحقد عليه ألا ينزل نفسه منزلة القاضي لإعدام النص أو صاحبه وإلا يسرد تجربته الخاصة جدا والضيقة جدا على الأثر الإبداعي ليحاكمه من خلالها ويصبغه بصبغة يراها الأصح والأصوب قتئدونه وانتم دعاة  الحياة والحركية.
يبدون كثيرا ممن يعانقون سماء النقد في تعب وبصر خسيء تعب كليل ومكابدة أرهقتهم يودون هدم كل ماض لأنهم لم يستوعبوا النظريات الحديثة .
لهؤلاء أقول بملء الصوت واكبوا الركب أو تنحوا جانبا وأفسحوا المضمار لغيركم من الفرسان ولا تنصبوا أنفسكم أربابا للنقد.
وللقارئ المبتدئ والمتعلم أقول  لا تفسد ذوقك بقراءة  مثل هاته الأشياء والتي تُسَمى كل شيء إلا النقد لأنك حين تقرأ لأهل الاختصاص المتمكنين ـ وما أكثرهم ـ ثم تلتفت إلى هؤلاء تُصاب بالإغماء  وقد يغالبك القيء .عذرا على اللفظة ولكنها الحقيقة.
بلادنا تعج بالأسماء اللامعة و النجوم المتلألئة في سماء النقد لكني أقتصر  هاهنا على بعض المحليين أقول اقرؤوا لسعيد موفقي وقلولي بن سعد وبعض كتابات القاص والروائي خليل حشلاف والأستاذ ضيف البشير وغيرهم .......